نادمة على تفريطي في حق الله وحق والديّ، فكيف أصلح ما مضى؟
2025-09-14 03:03:41 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أرسلت إليكم استشارة بخصوص ما أمر به من (الوسواس القهري في الصلاة)، وهل هو غضب من الله أم لا؟! ولكن لم أذكر لماذا أشعر بأنه غضب من الله تعالى، بالرغم من أني أكاد أجزم أني أعرف السبب وراء شقائي.
منذ سنوات فسدت علاقتي بأمي بسبب أخطاء فعلتها في حياتي، ففقدت أمي ثقتها بي، وعاقبتني عقاباً شديداً، وهي لها كامل الحق فيما فعلت، ولكن في وقتها لم أكن متفهمة مثل الآن، كنت فقط أشعر بغضب منها وكره تجاهها، قلت عنها كلاماً سيئاً مع أشخاص كثيرين، وفي أي نقاش كنت أقصد مضايقتها وإثبات عدم صحة كلامها، فقط لأشعر أني على صواب.
لكني بعد الرجوع إلى الله والصلاة، أصبحت أشعر بالندم الشديد على ما فعلت، وأستغفر الله كثيرًا، وأدركت أن الشقاء العظيم الذي أمر به في الشيء الوحيد الذي أريد القيام به بشكل صحيح، وهو الصلاة هو بسبب ما فعلته معها؛ لأنه كما قال الله تعالى: "وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا"، فأنا قد أكون في حكم العاق لوالديه وأشعر بالخوف الشديد، ولم تكن علاقتي بأبي جيدة، ولكنه متوفى، أتذكره كثيراً، وأفعل ما بوسعي في كل أمر مباح، يجوز القيام به على روح الميت كي يغفر الله لي، علاقتي بوالدتي الآن أفضل بكثير من قبل، أنا بدون أمي لا شيء، أعلم هذا، وأشعر بالخوف والندم الشديدين!
فأنا لا أريد أن أخسر علاقتي بالله، ولا أن أكون عاقّة، هل هناك أي طريقة لإصلاح علاقتي بالله وعلاقتي بأمي؟ لأن ما فعلته هو عقوق وغيبة، وهما من الكبائر، فأنا تبت عنهما، وعازمة على عدم الرجوع إليهما مهما حدث.
جزاكم الله خيرًا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Noor حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمرحبًا بكِ أختنا الكريمة في إسلام ويب، وردًّا على استشارتك أقول، وبالله تعالى أستعين:
جزاكِ الله خيرًا على صدقك وصراحتك في تشخيص المشكلة، ونسأل الله أن يشرح صدرك ويعافيكِ مما تجدين.
الوسواس القهري الذي تعانين منه ليس بالضرورة أن يكون غضبًا من الله، أو عقوبة منه، بل قد يكون ابتلاءً وامتحانًا من الله، ولا شك أنه من مكايد الشيطان؛ ليحزنك ويقطعك عن العبادة. والسبب في ذلك أنك ضعفتِ أمامه، وأصغيتِ له، ودخلتِ معه في حوارات، وعلاجه بالاستعاذة بالله منه كلما جاء بوساوسه، والنهوض من المكان الذي تأتيك فيه الوساوس، وإشغال النفس بعمل يلهيك عنه.
إذا جاءك وأنت في الصلاة فانفثي عن يسارك ثلاثًا بدون ريق، واستعيذي بالله من الشيطان الرجيم، واستمرّي بصلاتك، ولا تصغي له، ولا تكرري أي لفظ أو عمل، وعليك أن تظهري قوتك وشجاعتك، وهنا سيبتعد عنك هذا الوسواس بإذن الله.
تحصّني بأذكار اليوم والليلة، ففيها حرز من الشيطان الرجيم، ولعل الله تعالى يختبر مدى قوتك على مجاهدة الشيطان، فأري الله من نفسك قوة، وما دمتِ تحافظين على الصلاة وتجاهدين نفسك لأدائها، فأنتِ على خير، ومأجورة بإذن الله.
ما فعلتِه مع أمك خطأ بلا شك، لكن باب التوبة مفتوح، وقد تبتِ وندمتِ وعزمتِ على عدم العودة، وهذه هي شروط التوبة النصوح التي قال الله عنها: ﴿إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُو۟لَٰٓئِكَ يُبَدِّلُ ٱللَّهُ سَيِّـَٔاتِهِمْ حَسَنَٰتٍ﴾ [الفرقان: 70].
اجتهدي في بر أمك والإحسان إليها، وقومي بخدمتها خير قيام، وأصلحي علاقتك مع الله أولًا، ثم مع أمك ثانيًا، وذلك كما يأتي:
أولًا: مع الله:
• داومي على الصلاة المفروضة، وأكثري من النوافل، والزمي الاستغفار، والإكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وأكثري من الصدقة.
• لا تيأسي من رحمته، فالله يغفر الذنوب جميعًا.
• استعيني بالأذكار صباحًا ومساءً، فهي حصن من الوسواس.
• اجتهدي في الخشوع في الصلاة تدريجيًّا، ولا تلتفتي كثيرًا للوسواس.
ثانيًا: مع أمك:
• أحسني إليها بالكلمة الطيبة، والبر العملي، وتقديم الهدية؛ فإنها تجلب المحبة، كما في الحديث: «تهادوا تحابوا».
• كرّري الاعتذار لها، واجعلي أفعالك برهان محبتك.
• تحمّلي غضبها أو تقصيرها بصبر، فأنتِ تجبرين ما فات.
• أكثري من الدعاء لوالدتك بظهر الغيب، واحتسبي ذلك عند الله.
• تصدقي بصدقة جارية لوالدك، فذلك من البر به، وجابر لما حصل منك بإذن الله تعالى.
نسأل الله تعالى أن يعافيك من الوسواس، وأن يقبل توبتك، ويصلح ما بينك وبين أمك، والله الموفق.