التعارف بين الشباب والفتيات على الإنترنت وخطره..

2025-09-23 23:18:07 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قبل فترة عرفتُ فتاة عبر الإنترنت، وكانت مستقيمة على أمر الله وصالحة، وكنا نتحدث عن الدين، وكانت تحدثني نفسي بأن أتركها وأحظرها، وفي الوقت ذاته كانت تحدثني نفسي بأن أفعل تجاوزات معها، لكي أتركها؛ ولأن علمها بالدين قليل، مما يتيح لي فعل هذه التجاوزات، ولكن سرعان ما ذهبت هذه الأفكار.

بعد فترة، اعترفت بحبها لي، بحجة أنني متدين ومستقيم على أمر الله، وأنا لم أكن أكنّ لها أي مشاعر حب في ذلك الوقت، ولكنني خفت على مشاعرها إن لم أبادلها نفس المشاعر، فحصلت تجاوزات بعدها، وقالت لي: إنها تريد الزواج بي، وأنا لا أحبها.

بعد ذلك نصحتها وذكّرتها بالله واليوم الآخر، وتركتها، وتبت توبة نصوحًا، وبعد بضع ساعات، تواصلت معي وقالت إنها تأثرت نفسيًا، فغلبني ضعفي وبقيت في قائمة أصدقائها، وبعد يومين أو ثلاثة، تحدثت معها مرة أخرى، وعاد كلام العاطفة والحب الكاذب، وقالت: إنها تريد الزواج مني، وأنا لا أقدر على ذلك، فتوقفنا عن الكلام.

بعد بضعة أيام، اكتسبتُ قليلًا من مشاعر الحب تجاهها، فضعفت وتحدثت معها مرة ثالثة، وحصلت تجاوزات، فشعرت بالذنب لأنني أبادلها مشاعر كاذبة، فنصحتها وذكّرتها بالله واليوم الآخر، فوافقت على أن نترك بعضنا.

لكن بعد يوم أو يومين، تواصلت معي، وقالت إنها بكت لمدة سبع ساعات، وإن نفسيتها تعبانة جدًا، هنا شعرت أنني مجرم؛ لأنني بادلتها مشاعر كاذبة، وكأنني استغللت مشاعرها لأشبع رغباتي، وتذكرت ما كنت أفكر فيه بأن أفعل بعض التجاوزات لكي تتركني، وهنا شعرت أني ظلمتها وآذيتها لأنني لم أحبها.

فهل أنا ظالم ومجرم؟ وهل عليّ حق لها؟ هل عليّ كفارة؟ وهل التوبة لا تصلح إذا لم أُصارحها بمشاعري هذه وأطلب منها المسامحة والمغفرة؟

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مازن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أخي الكريم: حيّاك الله وشرح صدرك، ووفقك للتوبة النصوح، ونسأل الله أن يطهّر قلبك ويثبتك على الحق، ويجعل ما أصابك سبباً لرجوعك إلى الطريق المستقيم.

ما ذكرته من أحداث فيه خير عظيم من جهة توبتك ورجوعك إلى الله تعالى، وفيه عبرة لك، لتعرف خطورة التهاون بالعلاقات غير المنضبطة شرعاً، فمثل ما كنت عليه لا بد أن تعلم أنه قطعًا لا يرضي الله تعالى، وهو مما يجلب سخطه، وفيه استهانة بأعراض المسلمين، وتعريض لهم ولنفسك للفتنة، التي أغلقها الشارع الكريم، إلا من باب الحلال المتمثل في الزواج.

ولست وحدك من يقع في مثل هذا، سواء بدافع الغفلة أو الجهل، أو التسويف والشهوة، لكن المهم هو ما بعد السقوط، هل يتوب العبد ويغلق الباب؟ أم يظل يفتح على نفسه باب الفتنة؟ وهذا التساؤل منك أحسبه باب خير فتحه الله تعالى عليك؛ فلا تغلقه، ولازم التوبة النصوح، والاستغفار مما جنيت، يفتح الله تعالى عليك باب عفوه وتوبته.

ثم دعني أوضح لك بعض النقاط الشرعية والنفسية، والتي تعينك على الفهم والاطمئنان لما أنت عليه حاليًا:
أولاً: ما وقع كان خطأً، لكن التوبة تمحوه، نعم، حصلت تجاوزات ومشاعر لم تكن صادقة، لكن ما دمت قد تبت إلى الله تعالى توبة نصوحاً واستغفرت وقطعت العلاقة، فقد وعد سبحانه التائبين بالعفو، قال تعالى: ﴿إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُو۟لَـٰٓئِكَ يُبَدِّلُ ٱللَّهُ سَيِّـَٔاتِهِمْ حَسَنَـٰتٍ﴾ [الفرقان:70]، فتوبتك الصادقة كافية، ولا يلزمك أن تعود إليها وتصارحها بما في قلبك، بل الأفضل ألا تفتح هذا الباب مرة أخرى.

ثانياً: الشعور بالذنب دليل حياة قلبك: شعورك بالندم وتأنيب الضمير ليس عيباً، بل علامة إيمان، قال ﷺ: "الندم توبة" (رواه ابن ماجه). لكن لا تجعل الشيطان يستغل هذا الندم ليعيدك للحديث معها بحجة الاعتذار أو إصلاح ما كان، فهذا يجرّك إلى فتنة جديدة، ويفتح عليك باب شرٍّ كنت قد أغلقته، والشيطان ذكيٌ في مثل هذه الأمور والمسالك فاحذره.

ثالثاً: لا يلزمك كفارة ولا استحلال منها، ولا يوجد حق مالي، ولا ضرر جسدي يستوجب التعويض، وإنما الواجب عليك الإقلاع، والندم، والاستغفار، وعدم العودة، أما استحلالها وسؤالها العفو فقد يفتح جرحها من جديد ويزيد تعلقها بك، وهذا من مداخل الشيطان ينبغي لك أن تتفطَّن له، وتنتبه ألا يعيدك في كل مرة إلى هذا المربع.

رابعاً: احذر من العودة أو التواصل: كلما فتحت باب الحديث معها عادت المشاعر والتجاوزات، فالواجب عليك قطع العلاقة نهائياً، وحذف أي وسيلة تواصل تذكرك بها، فهذا من تمام التوبة، وإلا بقي القلب معلقاً بما حرّم الله تعالى، ولا يليق بقلب يحب الله تعالى ورسوله -صلى الله عليه وسلم- أن يتعلق بغير ربه سبحانه، وكم يستحي العبد أن يطلع الله تعالى على قلبه فيراه معلقا بسواه، فاستحِ من نظر الله تعالى إليك.

خامساً: إليك بعض وسائل عملية تعينك على الثبات، منها:
- الدعاء لنفسك ولها أن يعوضكما الله تعالى خيراً، ويطهر قلوبكما، ويغني كلاً منكما بحلاله عن حرامه.
- الانشغال بالطاعة والعبادة: من صلاة، وذكر، وصحبة صالحة، فهذا يملأ فراغ القلب.
- البحث عن الزواج الحلال إن كنت قادراً، فهو باب لحفظ الفرج وصيانة القلب.
- غض البصر وحراسة الخواطر: فلا تترك نفسك للأفكار التي تجرّ إلى الفتنة، فالأفكار هي أول الطريق للذنب.
- إشغال وقتك بما ينفع: من دراسة، أو عمل، أو مهارات، ورياضة؛ فالفراغ عدو للشاب التائب.

أخي الحبيب: ما دمت قد تبت إلى الله تعالى بصدق فأبشر، فالله سبحانه يكرم التائبين، وهو أكرم من أن يرد توبة عبدٍ أقبل عليه نادماً، فلا تجعل الشيطان يوقعك في جلد الذات أو اليأس، فإن ذلك من مكره وكيده، بل أغلق الباب تماماً، واستعن بالله تعالى على نفسك ووساوس الشيطان، واجعل ما مررت به درساً يدفعك إلى مزيد من الاستقامة والحذر مستقبلاً.

ثبتك الله على طاعته، وحبَّب إليك الإيمان وزيَّنه في قلبك، وكرَّه إليك الكفر والفسوق والعصيان، وجعلك من الراشدين.

www.islamweb.net