تلاعب شاب بمشاعري وعلقني به ثم تركني لغيري، فماذا أفعل؟

2025-09-20 23:13:04 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته.

أنا فتاة كانت لدي علاقة بشخص استمرت أكثر من سبع سنوات، أحببته كثيرًا جدًّا، وفعلت كل شيء لأبقى معه؛ لأنه كان يقول لي بأنه سيتزوجني ولا يتزوج غيري، وكان يحلف ويَعِد، وهذا كان أساس تعلقي وبقائي معه، وكان يُظهر لي أنه يحبني، وكنت أصدق ذلك بالفعل.

كان يطلب مني أمورًا لا يجوز عليه فعلها، لكنه كان يُصر عليَّ تحت مسمى "أنت ستكونين زوجتي"، وكان يَعدني بالزواج عدة مرات، ومنذ البداية كنت أعلم أن ما يطلبه حرامًا، وأخبرته بذلك، لكنه كان يُكرر وعوده بأنني سأكون زوجته.

مضت الأيام والسنون، وعندما ينزعج مني يحظرني من كل المواقع، وهذا يجعلني أحزن كثيرًا، وتسيء حالتي النفسية، ثم يعود، وتبيَّن لي فيما بعد أنه كان يريدني لغرض شهوته فقط، وعندما أواجهه ينكر ذلك.

تعلقت به كثيرًا، وأبكي بكاءً شديدًا في الصلاة، وأقول: "ربِّ إن لم يكن خيرًا لي فأزلْهُ من قلبي"، ومع ذلك لا أزال أحبه كثيرًا رغم أنه مؤذي جدًّا، وكسر قلبي عدة مرات.

البارحة أخبرني بأنه منذ أكثر من سنة يعلم أنه لا يستطيع الزواج بي لأسباب غير مقنعة، وسيذهب ليتزوج فتاة أخرى.

أشعر بالعجز عن إقناع نفسي لماذا فعل بي هذا؟ ألم يكن هو من أخبرني بأنني سأكون زوجته؟ لماذا كان يعلم أنه لا يريد الزواج بي وبقي معي ويمارس شهوته؟

علمًا أنني ملتزمة، وأعرف أن كل هذه الأمور غير جائزة ومحرمة، وكنت أستغفر الله بعد كل حديث معه، وأتعهد بعدم فعل ما يريد مني، لكنه كان يجبرني وأنا ضعيفة أمامه، خصوصًا عندما يقول لي "أنت ستكونين زوجتي".

ماذا علي أن أفعل الآن؟ وما عقابي في الدنيا، علمًا بأنني طلبت المغفرة من الله؟ وأساس بقائي معه كان الزواج، لكنه لم يفعل، وهل سيعاقب هو على ما فعله في الدنيا؟ فوالله، أريد أن يُعاقب لأنه كسرني وخدعني.

أرجو الرد، وشكرًا.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نور .. حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك - ابنتنا الفاضلة - ونشكر لكِ التواصل مع الموقع والسؤال عن الأحكام الشرعية، ولا يخفى على مثلك حكم ما كان، وقد أشرتِ إلى أن الذي كان يحصل كان حرامًا، وكان معصيةً لله تبارك وتعالى.
ونبشركِ بأن ربنا غفّار، وبأنه تواب، وبأنه رحيم، بل ما سمّى نفسه توابًا إلَّا ليتوب علينا، ولا سمّى نفسه رحيمًا إلَّا ليرحمنا، ولا سمّى نفسه غفورًا إلَّا ليغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا.

فعجِّلي بالتوبة والرجوع إلى الله تبارك وتعالى، واحرصي على أن تكون التوبة لله خالصة، واصدقي في توبتك، واندمي على ما حصل من التفريط، وتوقفي عن هذا العبث، واعزمي على عدم العود لمثل هذه الممارسات؛ فإن هذه شرائط التوبة النصوح المقبولة عند الله تبارك وتعالى. والتوبة تَجُبُّ ما قبلها، والتائبة من الذنب كمن لا ذنب لها.

ثم ندعوكِ إلى التخلّص من كل ما يُذكّركِ بهذا الشخص الذي أساء وقصّر وعصى؛ عياذًا بالله تبارك وتعالى، واحرصي أيضًا على الستر على نفسك وعليه، فإن الإنسان مطالب أن يستر على نفسه وأن يستر على غيره. واحرصي دائمًا على أن تتعلّقي بالله تبارك وتعالى، وعمّري قلبك بِحُبِّه عز وجل، وحُب ما أنزله على رسوله ﷺ، وحُب هذا الشرع الذي فيه أبواب المغفرة، وأبواب التوبة والرجوع إلى الله تبارك وتعالى؛ فتوبةُ الرحيم تغدو وتروح: «يَبْسُطُ ‌يَدَهُ ‌بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ، حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا».

فعجّلي بالرجوع إلى ربنا الغفّار التواب الرحيم سبحانه وتعالى، واحرصي – كما قلنا – على أن تستأنفي حياتك الجديدة بأملٍ جديد، بثقةٍ في ربنا المجيد، وبالإكثار من الحسنات الماحية، فـ ﴿إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ﴾ كما قال رب الأرض والسماوات، وصدقكِ في التوبة هو مفتاح التوفيق، ومفتاح النجاح والسعادة بالنسبة لكِ.

ثم احمدي الله الذي خلّصكِ من هذا المجرم، رغم هذه الخسائر العاطفية الكبرى، إلَّا أن المصيبة كانت ستكون أكبر وأخطر لو أنه تمادى أكثر، لو أنه تزوّجكِ وبعد ذلك عبث بكِ، أو لو كان نتاج هذا المنكر ذُرية أو أطفال - أو كذا - كلُّ هذه مصائب أنجاكِ الله - تبارك وتعالى - منها، وبعض الشر أهون من بعض.
فاحرصي على أن تتعظي من هذا الدرس، ونسأل الله - تبارك وتعالى - أن يُعينكِ على طاعته، وأن يُعينكِ على الثبات على هذا الدين.

أمّا هذا المجرم فإن الله يحاسبه ويعاقبه، ولن يجد خيرًا في حياته؛ لأنه مارس الخديعة، ومارس الكذب، ومارس المعصية لله - تبارك وتعالى - وتمادى في ذلك، فارفعي أمركِ إلى الله، وتوبي إلى الله تبارك وتعالى، واعلمي أن الله عدلٌ ينتقم من كل من ظلم، والعاصي أيضًا عدو نفسه، ونسأل الله - تبارك وتعالى - أن يعوّضكِ خيرًا، وأن يضع في طريقكِ مَن يُسعدكِ.

ونحب أن نبيّن لكِ أن الفتاة بالتزامها وصدق توبتها ورجوعها إلى الله -تبارك وتعالى-؛ تفتح على نفسها الأبواب لتمارس حياة صحيحة مع إنسان يخاف الله ويتقيه.

نسأل الله أن يسهّل أمركِ، وأن يلهمكِ السداد والرشاد، وكلما ذكّركِ الشيطان بما حصل، جدّدي التوبة واذكري الله تبارك وتعالى، وتعوّذي بالله من الشيطان؛ فإن همَّ الشيطان أن يُحزن أهل الإيمان، والمؤمنة لا تُلدغ من الجحر الواحد مرتين.

تذكّري أنكِ فتاة غالية، ينبغي لمن يريدكِ أن يطرق الأبواب، ويرسل الوسطاء، ويأتي البيوت من أبوابها، وأشركي دائمًا محارمكِ في أمر الرجل الذي يتقدّم؛ لأن الرجال أعرفُ بالرجال، وهذا هو توجيه الشرع للمرأة ولأوليائها: «إِذَا أَتَاكُمْ مَن تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ».

واعلمي أن أول الطريق هو أن يأتي مَن يريدك مِن الباب، وليس كما حصل، تتعلّق الفتاة بشاب ثم بعد ذلك تأتي مرحلة إخبار أهلها وإدخالهم في الموضوع؛ بل لا بد أن يكون هذا من البداية، بل ينبغي عندما تقول الفتاة لمن يتقدّم إليها أو يتكلم معها أو يُبدي الرغبة في الارتباط بها: "هذا عمي، وهذا خالي، وذاك بيتنا"، فإن هذا هو أكبر اختبار لصدقه، وأكبر اختبار لرجولته، وأكبر اختبار لما عنده من الحياء وما فيه من الخير، فإنه إمّا أن يتقدّم عند ذلك، أو يهرب إذا كان ذئبًا، وما أكثر الذئاب البشرية في زماننا.

نسأل الله - تبارك وتعالى - أن يحفظكِ، وأن يثبّتكِ، وأن يتوب علينا وعليكِ.

www.islamweb.net