زوجي قاس حملني مسؤولية البيت وانشغل بنفسه وأصدقائه!!
2025-09-25 00:12:58 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا متزوجة منذ ثلاثة عشر عامًا من رجل كان حنونًا، ثم تغيرت طباعه فجأة، فأصبح عنيفًا في تعامله، يؤذي بكلامه، ويتصرف بتقلب مفاجئ، حتى وصل به الأمر إلى توجيه الكلام الجارح لأهلي، أما أنا: فبطبيعتي صبورة وهادئة، أحب الحياة المستقرة القائمة على التعاون والمحبة، ويشهد لي الناس بالخير.
وقع زوجي في العديد من المشكلات، وخسرت بسبب ذلك كل ما جنيته من عملي، بالإضافة إلى ذهبي وذهب أهلي، ورأس مالي الذي كنت أعتمد عليه في العمل، وكان ذلك في محاولة مني لحل مشكلة كان واقعًا فيها.
لكنني أصبحت مدينة لأهلي، وهو بدوره أخذ قرضًا لسداد جزء من الدين، وتحمّلت أعباء مشكلات ليست من شأني، في ظل لامبالاته، بينما أبذل جهدي لتجنب المشكلات مع الناس، وكل حياته تتمحور حول نفسه وأصدقائه، أما أنا: فأتحمل المسؤولية كاملة عنه وعن أولاده، ويعطيني راتبه، فأتكفل بكل شيء، وأسدد ديونًا لا تخصني، وأحاول حل مشكلات لم أكن سببًا فيها.
أحسست بضغط نفسي وعصبي شديد، فلجأت إلى العمل في أحد المصانع، حيث أقف على قدمي تسع ساعات يوميًا، لأوفر مصروف البيت والأولاد، وأسدد ديونه، بالإضافة إلى مسؤولياتي تجاه الأولاد بعد العمل، من: طهي، ومذاكرة، وتوصيل للدروس، ومتابعة التمارين.
أحاول أن أبدو بخير، كي لا يشعر أولادي بأي حزن، لكن بداخلي حزن كبير على صحتي، خاصة وأنني خضعت لعمليات في ظهري وقدمي، ورغم ذلك أقف للعمل، من أجل زوج قاس جدًا، غير متعاون، لا أرى منه حنانًا أو كلمة طيبة.
لقد انقطع الحديث بيننا منذ سنوات، رغم محاولاتي العديدة لتغييره، فأنا لا أطلب شيئًا كبيرًا، فقط حياة كريمة، لكنه شخص نرجسي، متقلب الود، وقد سبب لي ألمًا كبيرًا في قلبي من شدة قسوته.
زوجي يعاني من إعاقة في يده، فقد بترت، والله ما ضايقني ذلك يومًا، ولم أشعر تجاهه بأي نفور، لكنني لم أعد أحتمل كل ما أقوم به من أجل هذه الحياة، وأبكي كل يوم من شدة قسوته، ومن ثقل الحمل الواقع علي.
ديونه بلغت مئة ألف جنيه، نصفها لأهلي، والنصف الآخر للفيزا، وأنا أعمل وأبذل جهدي بالحلال لسداد ديونه، لكنني أشعر أن صحتي في تدهور؛ بسبب ضغط العمل، أما هو: فكلما ضاق به الحال، كان حله الوحيد اللجوء إلى القروض، رغم أنني وضحت له أن ذلك من الربا، وأنصحه بالصلاة، والابتعاد عن المحرمات، فيصرخ في وجهي، ويعاملني بقسوة.
مع العلم أنني حافظة لكتاب الله، وأولادي نعمة رزقني الله بها، لكنني أتساءل: لماذا رزقني الله بشخص كهذا؟ وهل سأحاسب على القرض الذي أخذه؟ وأشعر أنني لو كنت بلا هذه المشكلة، لعشت حياة أهدأ وقلبي أكثر راحة، فما الحل؟
هو سيئ الطباع، ولا يبدو أن طباعه ستتغيّر، وللأسف لا أريد أن يحاسبني الله على قرضٍ هو من الكبائر، كل يوم أستيقظ لصلاة الفجر، ثم أخرج إلى عملي، وأعود وأتحمل المسؤوليات حتى الساعة الواحدة بعد منتصف الليل، أنتظر منه فقط كلمة طيبة، مشاركة، اهتمامًا، لكن دون جدوى.
قلبي موجوع، وجعي مستتر لأنني شخص كتوم، وأبين للناس سعادة وقوة تفوق وجع جسدي، وأنا راضية -والحمد لله-، وأقول في نفسي: هذا ابتلاء لي، وربما أنا أفضل من غيري.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سارة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك -أختنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على القيام بهذه الواجبات الكبرى، وتقدير ظرف الزوج، ونحيي حرصك على الحلال، ونسأل الله أن يوسع عليكما في الرزق، وأن يُلهمكما السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.
وقد ذكرت بعض الإشارات التي تدل على قسوة هذا الزوج، وكنا بحاجة إلى أن ننظر إلى الجوانب الإيجابية الموجودة عنده، وقد أسعدنا خوفك من الربا، وحرصك على ألَّا يدخل إلى بيتك، ونسأل الله أن يرزقنا جميعًا من الحلال، وأن يغنينا من فضله عمن سواه.
وسعدنا جدًّا بهذا المجهود الكبير الذي تقومين به في رعاية الأسرة والأولاد، ونتمنى من الزوج أن يتفهم هذا، وأن يقابل ذلك بالتقدير والاحترام وحسن المعاملة، وإذا كنتِ قد عشت مع هذا الزوج هذه الأعوام الطويلة، فإنك بلا شك على معرفة بطبيعة شخصيته ونفسياته، والطريقة التي يمكن أن تسعديه بها.
الذي أزعجنا في رسالتك: قولك: لماذا رزقني الله بهذا الشخص؟
هذه النبرة ربما تشعر بالاعتراض على قضاء الله وقدره، مع أنك في الأخير –ولله الحمد– قلت: أنا راضية، وفهمك كون هذا ابتلاء، وأنكما أحسن من غيركما، هذه الذي نريد أن نبني عليه؛ فإن الإنسان ينبغي أن ينظر إلى مَن هم أقلّ منه في النعم في كل أمور الدنيا، وينظر إلى من هم فوقه في أمور الآخرة؛ حتى يتأسى بهم، كما قال -صلى الله عليه وسلم-: "انظروا إلى من هو دونكم، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم، كي لا تزدروا نعمة الله عليكم".
وأيضًا الصبر على البلاء مفتاح للخير، ونسأل الله أن يجعلنا ممن إذا أعطوا شكروا، وإذا ابتلوا صبروا، وإذا أذنبوا استغفروا.
ولذلك -وقد تعبتِ في العمل-، أرجو ألا تتبعي ذلك بتعب نفسي، كوني راضية بالذي يقدره الله -تبارك وتعالى-، واستمري في هذا الطريق، واستمري في نصح هذا الزوج حتى يبتعد عن الربا؛ لأنه فعلًا يدخل محق البركة على أهل البيت، لكن إن أصر، فهو الذي سيتحمل وزره، ولكن استمرارك في النصح وحرصك على أن تجنبيه الحرام، وأيضًا صبرك على ما يأتيك من أذى -إن شاء الله- يكون له الثمار الطيبة.
ونتمنى أن يتغير هذا الزوج بحسن المعاملة وبهذا الصبر، كما أرجو أن يكون للأبناء دور كبير في إشعار والدهم بما تقومين به من مجهود، ونسأل الله أن يمنحك قوة، وأن يعينك على تجاوز هذه الصعاب، وشكرًا لك على تقدير ظرف الزوج الصحي، وقيامك بهذه الواجبات، وهذا نموذج ومجهود تشكرين عليه.
نسأل الله أن يبارك لكما في الرزق، وأن يعين هذا الزوج على تفهم هذا المعروف الذي تقومين به، ونتمنى أن تبحثي عن الإيجابيات أيضًا، لتنظري إليها وتنميها، وخففي على نفسك الضغط النفسي، حتى لا يكون هناك تعب جسدي، وتعب نفسي.
نسأل الله لنا ولكما التوفيق والسداد.