تعرضت لتحرش في طفولتي أثر على حياتي وسبب لي توتراً وقلقاً!
2025-09-30 01:02:36 | إسلام ويب
السؤال:
أعاني من مشكلة قضم الأظافر، خاصة عندما لا يكون لدي شيء أفعله، أو عند التوتر والتفكير، وهي مشكلة تلاحقني منذ الطفولة.
لقد تعرضت للتحرش لمدة تقارب السنة من قِبل خالي الذي يكبرني ببضع سنوات، عندما كنت في التاسعة من عمري، أخبرتني أمي حينها أنني سأنسى الأمر مع مرور الوقت، وبالفعل نسيت، لكن الذكريات بقيت محفورة في مكان بعيد داخلي، وأحيانًا أشعر وكأن ما حدث كان مجرد حلم.
بعد سبع سنوات، واجهت مشكلة كبيرة، بدأت أشعر بمشاعر خاطئة تجاه صديقتي المقرّبة، وكنت أنكرها وأحاول ألا أعيرها اهتمامًا، لكن صديقتي بدأت تبتعد عني فجأة، فشعرت بالحزن، وأصررت على معرفة السبب، حتى أخبرتني بأنها تحبني، كنا كلانا خائفتين من تلك المشاعر، وفي ذلك الوقت عادت ذكريات التحرش لتضربني فجأة، مسببة لي ألمًا وتشنجات في القلب!
حينها أدركت أن التحرش كان السبب في تغيّر حياتي إلى كارثة، اعتقدت أنني سأتعافى بعد مرور ثلاث سنوات على تلك التجربة، وبعد زواج صديقتي وسفرها، لكنني بدأت أنظر إلى فتيات أخريات وأراهن جميلات وفقًا لمعاييري، وأتمنى التقرب منهن بطريقة غير سليمة.
بدأت العلاج النفسي مع مرشدة، وكان الوضع سيئًا جدًا، كنت مصابة باكتئاب حاد، وقلق، واضطراب ما بعد الصدمة، وتصعيد في المشاعر، بعد أن ابتعد خالي عني بسبب كشف أمي للأمر، شعرت برغبة في التقرب من صديقتي بطريقة خاطئة؛ لأنها كانت تفهمني.
رسبت في الثانوية بسبب حالتي النفسية المحطمة تمامًا، بالإضافة إلى أمراضي العضوية: (القولون العصبي، نقص فيتامين د، نقص مخزون الحديد، وروماتيزم في العظام)، وقد عالجت هذه الأمراض تقريبًا بعد أربع سنوات من تناول الأدوية.
تعافيت من الاكتئاب والأفكار المتعلقة بالموت، وخفّت عادة قضم الأظافر، لكن عندما علمت أمي أنني أتلقى علاجًا نفسيًا بشكل سري، غضبت كثيرًا ومنعتني من الاستمرار، لا أستطيع أن أخبرها بأي شيء عني، فهي توبخني دائمًا ولا تساندني في رحلة التعافي، ولهذا علاقتنا سيئة.
بعد أن نجحت في الثانوية، أشعر بأنني أفضل، ميولي الخاطئة لم تعد موجودة تقريبًا، ومشاعري تجاه صديقتي تلاشت، أحاول الالتزام بالصلاة قدر المستطاع، لكن عادة قضم الأظافر عادت، وبشكل أسوأ من قبل.
سؤالي: هل يجوز لي قطع صلتي بخالي في هذه الحالة؟ فقد كرهته بشدة بعد أن تسبب لي بدمار نفسي حرفيًا.
وكيف يمكنني التخلص من عادة قضم الأظافر المزعجة؟ خصوصًا أنني لم أتجاوز بعد آثار التحرش والميول التي نتجت عنه.
ملاحظة: لا أعاني من أي مشكلة هرمونية.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
البنت الفاضلة/ .. حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بكِ (بُنيَّتي) عبر استشارات إسلام ويب، ونشكر لكِ تواصلك معنا بهذا السؤال المفصَّل.
لا شكّ أنّه آلمني ما تعرَّضت له في طفولتك من قِبَل خالك، وهذا بالتأكيد يلعب دورًا في تكوين أو تشكيل الميول غير الفطريَّة؛ كأن تنجذب الفتاة إلى فتياتٍ أخريات، أو ينجذب الشاب إلى الشباب الآخرين، فنعم هذا التحرش يمكن أن يكون قد سبَّب ذلك؛ حيث إنكِ قد تشعرين بالمشاعر السلبية تجاه الرجال بسبب ما تعرَّضتِ له، إلَّا أنّ الخطأ لا يُعالج بخطأ مثله.
لذلك وأنا أحمد الله تعالى على أنّكِ -بعد أن نجحتِ في الثانوية ودخلتِ الجامعة- تقريبًا ذهبت الميول الخاطئة، وذكرتِ أنها لم تعد موجودة تقريبًا، وأن مشاعركِ لصديقتكِ قد مُحِيَت، وهذا أمر طيّب، وخاصةً -وأنا أحمد الله تعالى على ذلك-؛ أنكِ تحاولين الالتزام بالصلاة قدر المستطاع، فهذا أمر طيّب.
طبعًا هذا التحرش من الصعب أن ينساه الإنسان، فهو يبقى في الذاكرة، إلَّا أن علينا تجاوزه، لا نسيانه، وإنما تجاوزه، أي بأن لا نجعله يؤثّر في حياتنا أو ميولنا.
جيّد أنّكِ تابعتِ بعض الشيء مع مرشدة نفسية، وواضحٌ أنّ هذا قد ساعدكِ على التخلُّص من الاكتئاب الحادّ، والقلق، واضطراب ما بعد الصدمة، فهذا أمر طيّب، ولكن بقيت مؤشّرات على القلق والتوتّر، ومنها قضم الأظافر، وهنا أطمئنكِ أنّه سيخفّ مع الوقت، وخاصةً عندما يخفّ التوتّر والقلق الذي تشعرين به؛ وذلك عن طريق تطوير عادات تكيُّفٍ إيجابية، تُركِّز على العبادة، والنشاط البدني، وساعات النوم الكافية، والتغذية المتوازنة، بالإضافة إلى تنمية هوايات نافعة مفيدة، تُفرغين من خلالها مشاعركِ السلبية بدلًا من كتمها في نفسك.
نعم -بُنيَّتي الفاضلة-، نحن نقدر وضعك في عدم رغبتك في رؤية خالك هذا الذي أساء التصرّف، وقد سألت عن قطع صلتك به، وكما تعلمين فقطيعة الرحم من الكبائر العظيمة، لكن يقول العلماء: إن كانت صلة الرحم يترتب عليها ضرر محقق، فليست واجبة حينئذ، ويمكنك مراسلة مركز الفتوى في الموقع لأخذ المزيد من الإرشاد الشرعي حول هذه المسألة، وإنا لنرجو أن يكون قد استقام وانصلح حال قريبك هذا.
بنيتي، إذا سهل عليك القيام بكل ما ذكرناه لك من نفسك فنِعْمَّ بها، وإلَّا يمكنكِ أن تعودي إلى المرشدة النفسية، ولعلّها تُتابع معكِ لتطوير مهارات التكيّف مع الضغوط والقلق والتوتر، وبإذن الله -عز وجل- ستتحسّن الأمور، داعين الله تعالى لكِ بتمام التوفيق والسعادة والراحة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.