أحزن واكتئب كلما تذكرت أني سأفقد والدي يوماً ما!
2025-09-29 01:34:44 | إسلام ويب
السؤال:
كلما أتى الليل وأنا في السرير والأنوار مطفأة؛ تراودني أفكار عن أبي وأمي، وكيف كبرا في السن، وأنهما سيرحلان يومًا ما، وأشعر أنني لم أشبع منهما كما ينبغي.
أتساءل: إن كنت قد قصّرت في حقهما، ويغمرني شعور بالذنب والحزن، وأرغب في البكاء، وأتمنى لو أستطيع احتضانهما، أشعر بالخوف عليهما، وخوف على نفسي من المستقبل، ويصيبني غم شديد واكتئاب.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك -أخي الفاضل- عبر استشارات إسلام ويب، ونشكر لك تواصلك معنا بهذا السؤال المختصر.
نعم -أخي الفاضل- آلمني ما آلمك من هذه الأفكار والمشاعر المقلقة، والتي جعلتك تخشى من فقدان والدك ووالدتك، حيث كبروا في السن، ولا شك أنّ هذا أمر يشعر به كل الأبناء عندما يكبر الأب والأم، فهذا أمر طبيعي، والشعور بالذنب، وبأننا قصرنا في رعايتهم؛ هذا -أخي الفاضل- له جانب إيجابي؛ لأنه يدفعنا إلى التعويض عن التقصير الذي كان من طرفنا، فإذًا -أخي الفاضل- نصيحتي لك: بدل أن تستسلم لعقدة الذنب، والشعور بالذنب أنك قصرت مع والديك، أرجو أن يدفعك هذا الشعور إلى التعويض قدر الإمكان.
ما الذي يمنعك الآن أن تجلس بين أيديهم، وتتحدث معهم، وتستمع إليهم، وتحتضنهم أيضًا؟ كل ذلك سيعطيهم الأمن والراحة والاطمئنان، كما سيعطيك أيضًا الشعور بأنك قمت بالواجب، وقمت برعاية والديك، قال الله تعالى: ﴿وقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾.
فالباب ما زال مفتوحًا أمامك لتعوّض عمَّا سبق؛ ممَّا يمكن أن يُلبِّي حاجاتهما وحاجاتك أيضًا النفسية والعاطفية، فهذا الفعل والسلوك الإيجابي أفضل -أخي الفاضل- من الاستسلام للغمِّ والحزن والاكتئاب.
فإذًا: بادر -يا رعاك الله- إلى تقديم ما تستطيع من رعايةٍ وخدمة لوالديك، وادعُ اللهَ أن يبارك لك فيهما، ويمدهما بالصحة والعافية، وأن يُعينك على تقديم ما يُريحك ويُطمئنك على أنّك تقوم بالواجب؛ فهذه من الأمور المهمة في إسلامنا وديننا الحنيف.
حاول أخي الكريم أن تشغل نفسك بما ينفعك في دينك ودنياك، وتوكل على الله في حياتك، والزم التقوى تسعد، فهذه المشاعر إذا زادت عن حدها أصبحت مشكلة، مشاعرك تجاه والديك جميلة، لكن المبالغة في هذا الشعور قد يتعبك، فعليك أن تحسن الظن بالله، وأن كل واحد فينا له حياة سيعيشها ثم سينتقل إلى ربه، عاش محمد صلى الله عليه وسلم في هذه الدنيا، ثم انتقل إلى ربه، حزن الصحابة رضوان الله عليهم، لكنهم أكملوا حياتهم، على منهاجه عليه الصلاة والسلام.
ولا بأس بالبكاء، فهذا ما نسميه عادة بـ "البكاء الجيد"، فهو يفرّغ المشاعر المكبوتة، ويساعدك على التخفيف من التوتر والضغط النفسي، ويُعدُّ جزءًا طبيعيًا من التعبير عن الحب والحنان تجاه والديك.
أدعو الله تعالى لك بالتوفيق والسداد، ولا تنسنا -أخي الفاضل- من دعوة صالحة في ظهر الغيب، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.