أستحيي من عدم حصولي على عمل فألجأ للكذب، فما نصيحتكم؟
2025-09-28 02:04:04 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شاب عمري 24 سنة، تخرجت في الجامعة وعمري 21 سنة، ومرَّت ثلاث سنوات ولم أحصل على عمل، بل أكثر من ذلك، ولم أستفد من هذه السنوات. أعلم أن الرزق بيد الله تعالى، وأنا راضٍ بقضائه وقدره، لكن أحيانًا أشعر بالحزن، فهل هذا شيء عادي أم عليّ إثم؟
أحيانًا يسألني أهل البلدة أو بعض الأصدقاء، أو حتى أشخاص من العائلة: هل حصلت على عمل؟ فأستحيي أن أقول لهم إنني لا أعمل أي شيء، فأكذب وأقول لهم: نعم أعمل كذا وكذا، ثم أستغفر الله، فهل آثم على هذا؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سائل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
قبل كل شيء: أُهنِّئك بتخرُّجك من الجامعة، فهذا يُعَدّ إنجازًا مهمًّا في حياة الإنسان. وما ذكرته من همومٍ بسبب عدم وجود عمل، فجوابه كالتالي:
أولًا: اعلم أن الحزن على نفسك وحالتك ليس عليه إثم، بل هو أمرٌ طبيعي؛ لأن هذا القضاء الكوني منه ما يكون محبوبًا للإنسان، ومنه ما لا يكون محبوبًا، فحزن الإنسان على ما لا يُحبّ أمرٌ طبيعي، مع وجوب الصبر، وقد ذكرتَ أنك تؤمن بقضاء الله وقدره، فجزاك الله خيرًا.
ثانيًا: هذا النوع من الابتلاء يجب على المسلم الصبر عليه، وهذا حال المؤمن في الدنيا، كما في حديث صهيب الرومي رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «عَجَبًا لأمرِ المؤمنِ، إنَّ أمرَه كلَّه له خيرٌ، وليس ذاك لأحدٍ إلَّا للمؤمنِ؛ إن أصابته سرَّاءُ شَكَر، فكان خيرًا له، وإن أصابته ضرَّاءُ صَبَر، فكان خيرًا له» (رواه مسلم).
فعليك بالصبر الجميل، مع بذل الجهد في الأخذ بالأسباب، وتقديم أوراقك إلى جهات العمل -سواء كانت حكوميّة أو خاصّة- وتذكَّر قول الشاعر:
وَلَرُبَّ نازِلَةٍ يَضيقُ لَها الفَتى ذَرعًا *** وعِندَ اللَّهِ مِنها المَخرَجُ
ضاقَتْ فَلَمَّا استَحكَمَتْ حَلَقَاتُها *** فُرِجَتْ وكنتُ أظنُّها لا تُفرَجُ.
ثالثًا: لا ينبغي الخجل في هذه المسائل، فليس عيبًا أنك بلا عمل؛ لأن ذلك ليس بيدك، ومن باب الفائدة: الحياء من الإيمان، أمَّا الخجل فليس من الإيمان، وقد عبّرتَ بقولك: "فأستحي منهم"، والصواب أن تقول: "أخجل منهم".
رابعًا: مسألة أنك تخجل من سؤال بعض أقاربك أو أهل بلدك أو معارفك عن العمل والوظيفة، فتقع في الكذب خجلًا منهم؛ هذا لا يجوز شرعًا، وأنت تعلم أن الكذب حرام، وقد حذّرنا رسولنا الكريم ﷺ منه فقال: «إيَّاكم والكذبَ، فإنَّ الكذبَ يَهدي إلى الفُجُورِ، وإنَّ الفُجُورَ يَهدي إلى النَّارِ، ولا يزالُ الرجلُ يكذب ويتحرَّى الكذبَ حتى يُكتبَ عند اللهِ كذَّابًا» (متفق عليه). وفي موطأ مالك: «أنَّه قيل لرسولِ اللهِ ﷺ: أَيَكونُ المؤمنُ جبانًا؟ قال: نعم. فقيل له: أَيَكونُ المؤمنُ بخيلًا؟ قال: نعم، فقيل له: أَيَكونُ المؤمنُ كذَّابًا؟ قال: لا».
وصدقني، لا داعي للخجل، بل حينما تخبرهم بالواقع وأنك بلا عمل، قد يدعو لك بعضهم بتفريج الكربة، وقد يسعى آخرون لمساعدتك.
وعليك بتقوى الله تعالى؛ فقد وعد الله المتقين بالخير وتفريج الكربات، قال تعالى: {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجعَل لَّهُ مَخرَجًا * وَيَرزُقهُ مِن حَيثُ لَا يَحتَسِب} [الطلاق: 2-3]، ووعدهم بالتيسير، فقال تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً} [الطلاق:4]، وقال: {سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً} [الطلاق:7].
وإضافةً إلى ما سبق، إليك بعض النصائح المهمة:
1- اطبع سيرتك الذاتية وراسل جهات عديدة، بل قم بزيارة بعض الشركات وقابل الإداريين.
2- طوِّر من مهاراتك واكتسب خبرات، وادخل دورات تطويرية في مجال تخصّصك -حتى لو عن طريق النت-، فنحن في زمن الشهادات والخبرات.
3- أشغل وقتك بالمفيد، ولا سيما حفظ القرآن الكريم، والمشاركة في بعض الأعمال التطوعية التي تخدم المجتمع، فإن الله تعالى في عون العبد، ما دام في عون أخيه، وكم من أبواب للخير والرزق فتحت بسبب مساعدة الآخرين.
4- أكثر من الدعاء؛ فالله تعالى سميع الدعاء عظيم الرجاء، ويحب الملحِّين في الدعاء، ولا تيأس من تأخر الإجابة.
وفي الختام: أسأل الله تعالى أن يرزقك وظيفةً تُقِرّ بها عينك، آمين.