والدي يرفض مساعدتي في دفع ديوني للبنك، فماذا أفعل؟
2025-10-02 01:07:07 | إسلام ويب
السؤال:
عليّ دين للبنك، ومطالب بالسداد، وتم إرسال إخطار رسمي من مكتب المستشار القانوني الخاص بالبنك، أنه في حال عدم السداد سيتم رفع دعوة قضائية، وحكم بالحبس.
أبلغت والدي، ولكن والدي لا يريد مساعدتي، وأنا حالتي المادية صعبة جداً، وهو يعلم أن حالتي المادية صعبة جداً، ويستطيع سداد جزء بسيط، الجزء المتأخر فقط، وأنا أكمل باقي الأقساط، لكنه لا يريد أن يفعل ذلك، فماذا أفعل؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Khaled حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أخي الكريم: أسأل الله أن يفرج همك وييسر أمرك، وأن يرزقك من حيث لا تحتسب.
إن ما تمر به من ضيق مالي، وضغط نفسي؛ هو ابتلاء من الله سبحانه وتعالى، وهو جزء من اختبارات الحياة التي نمر بها جميعًا، قال الله تعالى: "لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا" (سورة البقرة:286)، وهذا يبعث فينا السكينة والطمأنينة أن الله لا يضعنا في موقف إلا ونحن قادرون على تجاوزه -بإذنه تعالى-.
كما تعلم فإن موضوع الدين مسؤولية عظيمة، وقد حثنا النبي -صلى الله عليه وسلم- على السعي لسداده، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ أَدَاءَهَا أَدَّى اللَّهُ عَنْهُ، وَمَنْ أَخَذَهَا يُرِيدُ إِتْلَافَهَا أَتْلَفَهُ اللَّهُ" (رواه البخاري)، لذلك النية الصادقة لسداد الدين هي أول خطوة، مع التوكل على الله والسعي في الأسباب.
خطوات عملية للتعامل مع الموقف:
- قم بالتواصل مع البنك مباشرة، واطلب التفاوض على إعادة جدولة الدين أو تقسيطه بما يتناسب مع حالتك المادية، البنوك غالبًا ما تكون لديها سياسات للتعامل مع العملاء المتعثرين، وبعد أن تسمع من البنك عن الكيفية، عليك أن تراجع علماء بلدك للسؤال عن حكم هذه المعاملة قبل أن تقدم عليها.
- إذا كان والدك غير مستعد للمساعدة، حاول التوجه إلى أقارب آخرين أو أصدقاء تثق بهم، قد تجد من بينهم من يستطيع تقديم دعم مالي أو حتى نصيحة عملية.
- حاول البحث عن عمل إضافي، أو مشروع صغير يمكنك من خلاله زيادة دخلك، حتى لو كان العمل بسيطًا، فإنه قد يساعدك في تقليل العبء المالي.
- هناك العديد من المؤسسات الخيرية التي تقدم مساعدات مالية للأشخاص المتعثرين، ابحث عن هذه المؤسسات في منطقتك وتواصل معهم.
- لا تستهن بقوة الدعاء والاستغفار، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجًا، ومن كل ضيق مخرجًا، ورزقه من حيث لا يحتسب" (رواه أبو داود)، لذلك اجعل لك وردًا يوميًا من الاستغفار والدعاء بأن يفرج الله كربك.
- إذا كنت تمتلك أي شيء يمكن بيعه دون أن يؤثر على حياتك الأساسية، ففكر في بيعه لسداد جزء من الدين.
- من المهم أن تحافظ على هدوئك النفسي، وألا تدع القلق يسيطر عليك، تذكر أن الله معك ولن يتركك.
- حاول أن تتحدث مع والدك مرة أخرى بهدوء، وشرح الموقف بشكل واضح، مع التأكيد على أنك تحتاج فقط إلى مساعدة مؤقتة لتجاوز الأزمة.
وإليك قصتين ملهمتين من قصص الصحابة الكرام مع الدين:
الأولى: قصة جابر، فجابر بن عبد الله الأنصاري كان من الصحابة الكرام الذين عاشوا في المدينة المنورة بعد وفاة والده عبد الله بن عمرو بن حرام -رضي الله عنه- في غزوة أحد، ترك والده دينًا كبيرًا على عاتق جابر، كان جابر شابًا صغيرًا في ذلك الوقت، وكان عليه مسؤولية كبيرة تجاه عائلته وسداد الدين.
جاء جابر إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- يطلب مساعدته في حل هذه الأزمة، فقام النبي -صلى الله عليه وسلم- بزيارة بستان جابر، حيث كان لديه نخيل يمكن أن يُباع لسداد الدين، دعا النبي -صلى الله عليه وسلم- الله أن يبارك في محصول جابر، ثم أمر بجمع التمر وتقسيمه بين الدائنين، بفضل بركة دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم-، تم سداد الدين بالكامل، وبقي لجابر ما يكفيه من التمر.
القصة الثانية: قصة دين الزبير:
الزبير بن العوام -رضي الله عنه-، أحد العشرة المبشرين بالجنة، كان من أقرب الصحابة إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ومن أوائل من أسلموا، عُرف بشجاعته وإيمانه العظيم، وكان من الصحابة الذين بذلوا أنفسهم وأموالهم في سبيل الله، عندما حضرته الوفاة، أوصى ابنه عبد الله بن الزبير بسداد ديونه، وقال له: "يا بني، إذا أعجزك شيء من ديني، فاستعن بمولاي" فسأله عبد الله: "ومن مولاك؟" فقال: "الله."
هذه الوصية تعكس إيمان الزبير الكبير بالله وتوكله عليه، حتى في أصعب اللحظات، كان دين الزبير كبيرًا، لكن ثقته بالله تعالى كانت أكبر، وأن الله سيعين ابنه على سداده، وبالفعل، وفق الله عبد الله بن الزبير لسداد الدين؛ حيث باع بعض ممتلكات والده وقام بتسديد الديون كاملة، فاستعن بمولاك يقضي عنك دينك، ويسهل أمرك.
أخي الكريم: أسأل الله أن يفرج كربك، وييسر أمرك، لا تيأس من رحمة الله، واستمر في السعي والدعاء، قال الله تعالى: "فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا، إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا" (سورة الشرح: 5-6).
اللهم اجعل لنا ولأخينا من كل هم فرجًا، ومن كل ضيق مخرجًا، وارزقه من حيث لا يحتسب. آمين.