هل يمكن أن أتواصل جزئيًا مع من أحببتها وأود خطبتها؟
2025-10-06 02:47:44 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لي زميلة اعترفتُ لها بحبي، وهي تبادلني الشعور، وقد أقفلنا باب الكلام معها على الواتساب بنية التركيز في مستقبلنا، و-إن شاء الله- نكون لبعضنا.
هل أستطيع أن أسألها عن أحوالها ودراستها عندما نصل لمنتصف السنة الدراسية دون إطالة، ثم أُقفل وأُوقِفُ التواصل؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
السائل الفاضل/ عبد الهادي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
ظاهر من سؤالك الحرص على معرفة الحكم الشرعي؛ كي لا تقع في ما لا يرضاه عنك ربك ومولاك سبحانه، وما دمت قد توجهت إلينا سائلًا راغبًا؛ فإن من حقك علينا أن نرشدك إلى ما هو الأصح والأكمل.
لا يخفى عليك وأنت في هذه السن، أن الله تعالى قد نظَّم علاقة الشاب المسلم بالمسلمة ممن ليست من محارمه، وأن الأصل في العلاقة بينهما هو إغلاق باب الشيطان، بأن تكون هذه العلاقة في أضيق الحدود وعند الحاجة فقط، وعلى هذا كانت حياة المسلمين إلى ما قبل دخول (المستخربين) إلى بلادنا المسلمة، قائمة على العفة والطُهر ومحدودية التواصل بين الجنسين، حتى تم إحداث الاختلاط في مقاعد الدراسة بين الجنسين، ثم لما خرج هؤلاء المستخربون -الذين يسميهم الناس بالمستعمرين- أبقوا على هذا الاختلاط بين الجنسين في كثير من مؤسسات التعليم، حتى أصبحت (الصداقة) و(الصحبة) بين الشاب والشابة أمرًا معتادًا طبيعيًا لا يكاد يُنكره الكثير، بل قد يظنه البعض شهامة وكمالًا.
إذا اتضح لك هذا؛ فإن الأصل إذا احتاج الشاب أن يدرس في بعض هذه المؤسسات المختلطة، أن يسعى للتباعد عن التواصل مع الزميلات؛ حتى يجتنب كثيرًا من المحرمات الناشئة عن ذلك من نظر وكلام بغير حاجة، وتواصل ومتابعة قد تقود إلى حصول تعلُّق بين الشاب والشابة، وهذا الذي حصل بالضبط كما عبَّرت في سؤالك بـ (الاعتراف المتبادل بينكما)، وهذا لا يحصل في الغالب إلا بعد تواصل كثير، ومتابعات، واستلطاف بين الطرفين، وليس بسبب نظرة عابرة غير مقصودة.
ولا شك أن قراركما بما أسميته (التقفيل) فيه تخفيف من هذا التواصل؛ حتى لا يؤثر عليكما وعلى مستقبل حياتكما، وقد كان هذا واضحًا في تصريحك بغرض التركيز على الدراسة، علمًا بأن تأثير هذا التواصل على أمر دينكم وعلى تعريضكما لنزغات الشيطان أكبر وأشد ضررًا من التأثير الدراسي، وإن كان أمرًا قد يخفى عليك أو عليها.
وبالنظر إلى سنك -أيها الابن الكريم- وإلى غالب سن الزواج في بلدكم، فإن بينك وبين الزواج ما لا يقل عن سبع إلى عشر سنوات، وهو عُمر طويل لا تكاد تصمد فيه علاقات الحب، لا سيما إذا كان الطرفان يجمع بينهما مكان دراسة أو عمل، بما يتيح للطرفين أن يطَّلعا على عيوب بعضهما، أو يحصل بينهما من الاعتياد ما يُضعف التعلُّق، أو من النزغ الشيطاني ما يجعلهما يقعان فيما هو أكثر جُرمًا، أو من اطلاعك على من يُزينها الشيطان لك أكثر منها، أو بالعكس بما يوقع الشكوك والضغينة والتربُّص، أو..أو ..أو .. مما هو كثير مُشاهد معلوم في البيئات المختلطة.
لهذا ولغيره: فإننا ننصحك -أيها الابن الكريم- أن تتدارك نفسك مبكرًا قبل أن يتعمَّق التعلق بينكما أو من أحدكما بالآخر، وأن تتخذ خطوة حاسمة بقطع هذه العلاقة التي بينكما، وإخطارها بذلك، والصبر ورباطة الجأش وقوة التحمُّل لآثار هذا القطع للعلاقة؛ إذ هو أمر مؤلم ولا شك، لكن الاستمرار فيه يزيده تعقيدًا وصعوبة وألمًا، والعاقل يزن الأمور ويختار الأيسر ولو كان مؤلمًا.
نسأل الله أن يفتح بصيرتك، وأن يلهمك رشدك، وأن يملأ قلبك بما يدفع عنك هذا التعلق، من الانشغال بالنافع والأُنس به سبحانه وبكتابه، وأن يجعل لك في قابل حياتك من النجاح والفلاح في دراستك وحياتك، ما يُنسيك هذه المرحلة.
وصية أخيرة: أكثرْ من الدعاء -أيها الابن الموفّق-، فالله كريم رحيم.