السؤال
حفظت القرآن منذ فترة، ولما أتممت جزء عمَّ، طلبت مني المعلمة أن أعلِّم الأصغر مني جزء عمَّ، مع العلم أني لا أعلم كثيرًا عن أحكام التجويد. فهل عليَّ إثم؟
حفظت القرآن منذ فترة، ولما أتممت جزء عمَّ، طلبت مني المعلمة أن أعلِّم الأصغر مني جزء عمَّ، مع العلم أني لا أعلم كثيرًا عن أحكام التجويد. فهل عليَّ إثم؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهنيئًا لك بالاشتغال بحفظ القرآن، ونوصيك بالحرص على تعليمه والتمهر فيه، وفي تجويده، ففي الحديث: خيركم من تعلّم القرآن وعلمه. رواه البخاري. وفي الحديث: إن الله يرفع بهذا الكتاب أقوامًا، ويضع به آخرين. رواه مسلم. وفي الحديث: الذي يقرأ القرآن وهو ماهر به مع السفرة الكرام البررة. متفق عليه.
ولا نرى حرجًا في تعليمك للأولاد الصغار ما تيسر من تصحيح الألفاظ والشكل لهم، والاستماع لهم للتأكد من حفظهم، فننصحك بالبداية بهذه المهمة، وحاولي أن تراجعي بعض القارئات المتقنات لتتقني عليهن تجويد صفحات من القرآن حتى تتمكني من تعلميها للصغار.
واعلمي أن بعض المحققين يرون أن الواجب من التجويد هو: إخراج الحروف من مخارجها، وألا يُبدلُ حرف منها بآخر، وألا يلحن القارئ في القراءة لحنًا يغير المعنى، فهذا الواجب من التجويد على من قدر عليه، والإخلال به لا يجوز، وما عدا ذلك من التجويد الذي مرجعه إلى تحسين القراءة، ولا يترتب على الإخلال به إحالة للمعنى -كمراعاة المدود ومقاديرها..- فمستحب لا واجب، ولا يأثم تاركه شرعًا.
فقد قال علي القاري في شرح المقدمة الجزرية بعد بيانه أن مخارج الحروف، وصفاتها، ومتعلقاتها معتبرة في لغة العرب، قال: فينبغي أن تراعى جميع قواعدهم وجوبًا فيما يتغير به المبنى، ويفسد به المعنى، واستحبابًا فيما يحسن به اللفظ، أو يستحسن به النطق حال الأداء.... وأما اللحن الخفي فلا يتصور أن يكون فرض عين، يترتب العقاب على قارئه؛ لما فيه من حرج عظيم. اهـ. بتصرف.
وجاء في البيان والتحصيل لابن رشد المالكي: وسئل مالك: عن الهذِّ في القرآن؟ فقال: من الناس من إذا هذّ كان أخف عليه، وإن رتّل أخطأ، ومن الناس من لا يحسن يهذّ، والناس في ذلك على حالهم فيما يَخِفُّ عليهم، وذلك واسع. اهـ.
وقال الشافعي في الأم: وأقل الترتيل ترك العجلة في القرآن عن الْإِبَانَةِ، وكلما زاد على أقل الْإِبَانَةِ في القراءة كان أحب إلي، ما لم يبلغ أن تكون الزيادة فيها تمطيطًا. اهـ.
وجاء في الدقائق المحكمة شرح المقدمة الجزرية للشيخ: زكريا الأنصاري الشافعي عند قول الجزري:
والأخذ بالتجويـد حتـم لازمُ من لم يجـوِّد القـرآن آثـمُ.
قال: بأن يقرأه قراءة تخلّ بالمعنى، أو بالإعراب، فهو آثم. اهـ.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني