الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الهبة بقصد حرمان الورثة

السؤال

ما حكم الشرع في والدة تعطي ما لديها لابن بنتها، علماً بأنها لديها بنتان وابن، لكي تحرم ابنها الذي هي على خلاف معه، ولكي لا يأخذ أزواج بناتها من الإرث، حيث إن إحداهما ليس لها أولاد والأخرى هي أم الولد ولديها أيضاً أولاد آخرون؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن من حق الشخص المؤهل للتصرف -أي البالغ الرشيد- أن يوزع جميع ممتلكاته في حال صحته بهبة أو صدقة أو غيرهما، إذا كان ذلك على سبيل النفاذ بحيث يتصرف الموهوب له تصرف المالك في ملكه.

أما إذا كان ذلك معلقاً بموت الواهب أو كان في حال مرضه مرضا مخوفا، فإنه يأخذ حكم الوصية فلا يصح لوارث ولا بأكثر من الثلث، إلا إذا أجاز ذلك الورثة وكانوا بالغين رشداء.

جاء في حاشية الشرواني على تحفة المحتاج لابن حجر الهيتمي الشافعي:
«وَالْكَلَامُ فِي التَّبَرُّعَاتِ الْمُنَجَّزَةِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ أَوْ الْمُعَلَّقَةِ بِالْمَوْتِ أَمَّا مَا نَجَّزَهُ فِي الصِّحَّةِ فَيَنْفُذُ مُطْلَقًا وَلَا حُرْمَةَ ‌وَإِنْ ‌قَصَدَ ‌بِهِ ‌حِرْمَانَ ‌الْوَرَثَةِ.» انتهى.

لكن ينبغي أن تكون تلك الهبة بقصدٍ حسنٍ كطلبِ المثوبة عند الله تعالى لكون الشخص أمسَّ حاجةً من غيره، أو لكونه يتحمل أعباءً كبيرةً دعويةً أو اجتماعيةً أو نحو ذلك، ولا ينبغي أن يكون ذلك لمجرد قصد حرمان بعض الورثة، -وإن كان الشخص على خلاف معهم-، إذ لا ينبغي أن تبقى آثار حزازات النفوس إلى ما بعد الموت.

هذا وننبهك إلى أن على الولد أن يكون باراً بوالديه، -وخصوصاً الأم- لما ورد في النصوص الشرعية من التأكيد على حسن صحبتها، قال الله تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {الإسراء:23}، وجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك. متفق عليه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني