الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
أما مالك حال الحياة فقد أطلق الشرع لك حرية التصرف فيه، طالما كان التصرف مشروعا، وكنت بالغة رشيدة، فيحق لك أن تهبيه لمن تشائين، أو تتصدقي به على من تشائين. وعلى هذا فلا حرج عليك إن أنت أعطيت مالك كله أو بعضه لبنات أختك على سبيل الهبة النافذة،
جاء في حاشية الشرواني على تحفة المحتاج لابن حجر الهيتمي الشافعي:
«.... أَمَّا مَا نَجَّزَهُ فِي الصِّحَّةِ فَيَنْفُذُ مُطْلَقًا وَلَا حُرْمَةَ وَإِنْ قَصَدَ بِهِ حِرْمَانَ الْوَرَثَةِ.» انتهى.
لكن ينبغي أن تكون تلك الهبة بقصدٍ حسنٍ كطلبِ المثوبة عند الله تعالى لكون الشخص أمسَّ حاجةً من غيره، أو لكونه يتحمل أعباءً كبيرةً دعويةً أو اجتماعيةً أو نحو ذلك، وليس لمجرد قصد حرمان بعض الورثة، -وإن كان الشخص على خلاف معهم-، إذ لا ينبغي أن تبقى آثار حزازات النفوس إلى ما بعد الموت.
أما بخصوص الوصية بالمال بعد الموت، فإن الوصية تجوز في حدود الثلث لغير الوارث، فلو أنك أوصيت لهن بشي من مالك فيما لا يتجاوز الثلث فإنه جائز، بشرط أن ينتفي قصد الإضرار بالورثة أيضا، فإن الوصية بقصد الإضرار بالورثة حرام وهو من الكبائر، قال تعالى: مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ {النساء : 12}
قال ابن كثير : لتكون وصيته على العدل، لا على الإضرار والجور والحيف بأن يحرم بعض الورثة، أو ينقصه، أو يزيده على ما قدرَ الله له من الفريضة فمتى سعى في ذلك كان كمن ضاد الله في حكمته وقسمته. انتهى.
كما ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: الإضرار في الوصية من الكبائر. رواه سعيد بن منصور بسند صحيح .
قال ابن القيم في كتابه "إعلام الموقعين": ومن الكبائر ترك الصلاة، ثم ذكر بعدها إلى أن قال: وقطيعة الرحم والجور في الوصية، وحرمان الوارث حقه من الميراث . انتهى.
والله أعلم.