الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن شروط وجوب الحج الاستطاعة؛ لقول الله تعالى: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً [آل عمران:97].
وقد فسّر النبي صلى الله عليه وسلم الاستطاعة بأنها الزاد والراحلة، فعن ابن عمر قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، ما يوجب الحج؟ قال: الزاد والراحلة. رواه الترمذي، وابن ماجه، وغيرهما.
والمقصود بالزاد ما يحتاج إليه الحاج في ذهابه ورجوعه؛ من مأكول ومشروب وكسوة، ويشترط أن يكون ذلك زائدًا على نفقة من تلزمه نفقته. وهو ما سبق أن قررناه في الفتوى: 12664.
فإن كان البيت الذي يسكنه خالك زائدًا عن حاجته؛ حيث إنه كان لا يعول زوجة ولا أولادًا، ويكفيه مسكن أصغر منه، ويمكنه الحج بالفارق بين ثمن بيته الكبير والبيت الآخر الصغير، فقد كان الواجب عليه أن يبيعه ليحج منه، وقد بينا ذلك، ونقلنا كلام أهل العلم في الفتوى: 136441.
وقد بينا في فتاوى سابقة أن من مات وقد وجب عليه الحج، ولم يحج - فالراجح من أقوال أهل العلم أنه يجب على ورثته أن يخرجوا عنه من ماله ما يُحج به عنه؛ سواء فاته الحج بتفريط، أو بغير تفريط، أوصى بذلك، أو لم يوص؛ لحديث ابن عباس -رضي الله عنهما-: أن امرأة من جهينة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: إن أمي نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت، أفأحج عنها؟ قال: نعم حجي عنها، أرأيتِ لو كان على أمكِ دين أكنت قاضية؟ اقضوا الله؛ فالله أحق بالوفاء. رواه البخاري.
ولحديث النسائي عن ابن عباس: أن امرأة سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن أبيها، مات ولم يحج؟ قال: حجي عن أبيك.
وعليه؛ فكما أخرج الورثة دين خالهم قبل تقسيم الميراث؛ فقد كان الواجب عليهم أيضًا إخراج نفقة الحج عن خالهم الميت قبل التقسيم؛ لأن دين الله تعالى أحق بالقضاء.
فعليهم الآن أن يعيدوا المال الذي قسموه بينهم بعد إخراج الديون، وينيبوا مَن يحج عن خالهم من ماله الذي تركه، ولو استغرقت تكاليف الحج جميع التركة.
ولمزيد من الفائدة، يمكن الرجوع إلى الفتاوى: 10177، 28979، 62172.
والله أعلم.