الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحلف بالقرآن له حكم اليمين بالله تعالى؛ وراجع الفتوى: 205759.
والحلف بالله كذبًا؛ من كبائر المحرمات، ففي صحيح البخاري عن عبد الله بن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الكبائر: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وقتل النفس، واليمين الغموس.
فإن كنت أشرت على أمّك بالحلف كذبًا من غير ضرورة؛ فتصرفك مخالف للشرع، وعليك وعلى أمّك التوبة إلى الله تعالى، وليس عليها كفارة لهذه اليمين عند جمهور العلماء، وراجع الفتوى: 487117.
أمّا إذا كان هناك اضطرار لهذا الحلف الكاذب، لوجود ضرر كبير لا يمكن تجنبه إلا بهذا الحلف الكاذب؛ فنرجو أن لا مؤاخذة فيه عليك ولا على أمّك -إن شاء الله-. وانظر الفتويين: 100903، 432241.
لكنك أخطأت في إشارتك عليها بدعائها أن يبتليها الله في أولادها؛ ففي صحيح مسلم عن جابر -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: ...لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء، فيستجيب لكم.
وجاء في تحبير المختصر على مختصر خليل: ....أو عليه غضب الله، أو دعا على نفسه إن فعل كذا، فلا كفارة في شيء من ذلك، وليستغفر الله تعالى. انتهى.
وقد ذكر بعض أهل العلم أنّ هذه العبارات من لغو اليمين، ومن فضل الله تعالى أنّه لا يستجيب لمثلها.
جاء في تفسير البغوي -رحمه الله- عند الكلام على لغو اليمين: وقال زيد بن أسلم: هو دعاء الرجل على نفسه، كقول الإنسان: أعمى الله بصري إن [لم] أفعل كذا، [أخرجني الله من مالي إن لم آتك هذا]، فهذا كله لغو لا يؤاخذ الله به، ولو آخذهم لعجل لهم العقوبة. انتهى.
وننوّه إلى أنّه في حال الاضطرار إلى الكذب لمصلحة؛ فينبغي تجنب الكذب الصريح، واستعمال المعاريض والتورية.
وقد جاء في الأدب المفرد للبخاري: قال: قال عمر: أما في المعاريض ما يكفي المسلم من الكذب. اهـ.
وقال النووي -رحمه الله- في كتاب الأذكار: والاحتياطُ في هذا كلّه أن يورّي، ومعنى التورية أن يقصدَ بعبارته مقصوداً صحيحاً ليس هو كاذباً بالنسبة إليه، وإن كان كاذباً في ظاهر اللفظ. انتهى.
وراجع الفتوى: 139250.
والله أعلم.