الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس في القرآن، ولا في السنة، ولا في أقوال الأئمة، ما يدل على اشتراط مضي سنة على الهبة أو الوصية لتنفذ. ولم نعلم أحدًا من العلماء المعاصرين قال بذلك.
قال ابن عبد البر في «التمهيد»: أجمع الفقهاء أن عطية الأب لابنه الصغير في حجره لا يحتاج فيها إلى قبض، وأن الإشهاد فيها يغني عن القبض، وأنها صحيحة، وإن وليها أبوه. اهـ.
وقال ابن المنذر في «الأوسط»: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن الرجل إذا وهب لولده الطفل دارًا بعينها، أو عبدًا بعينه، أو شيئًا مفروزًا معلومًا، وقبضه له من نفسه، وأشهد عليه، أن الهبة تامة، عاش الولد أو مات، وإن لم يقبضه الصبي الموهوب له الهبة.
هذا قول مالك بن أنس، وسفيان الثوري، والشافعي، وأصحاب الرأي، وروينا معنى ذلك عن شريح، وعمر بن عبد العزيز، وأصحاب الرأي. اهـ.
وقال في «الإجماع»: أجمعوا على أن الرجل إذا وَهَبَ لرجل دارًا، أو أرضًا، أو عبدًا على غير عوض، بطيب نفس المعطي، وقبل الموهوب له ذلك وقبضه، يدفع من الواهب ذلك إليه، وأجازه أن الهبة له تامة.
وأجمعوا على أن من وهب عبدًا بعينه، أو دارًا، أو دابة بعينها وقبضها الموهوب له، أن الهبة صحيحة.
وأجمعوا أن الرجل إذا وهب لولده الطفل، دارًا بعينها، أو عبدًا بعينه وقبّضه له من نفسه، وأشهد عليه أن الهبة تامة. اهـ.
والله أعلم.