قوله: وقالوا كونوا هودا أو نصارى قال نزلت في يهود ابن عباس: المدينة ونصارى نجران، قال كل واحد من الفريقين للمؤمنين: كونوا على ديننا تهتدوا فلا دين إلا ذلك.
فقال الله تعالى: قل بل ملة إبراهيم أي: بل نتبع ملة إبراهيم حنيفا.
قال ابن دريد: "الحنيف": العادل عن دين إلى دين، لأنها مالت عن اليهودية والنصرانية. وسمي الإسلام: الحنيفية ؛
وقال ومن عدل عن دين اليهود والنصارى فهو حنيف عند العرب. الأصمعي:
وقال الحنيف: المسلم، وكان في الجاهلية يقال لمن اختتن وحج البيت: حنيف. الأخفش:
لأن العرب لم تتمسك في الجاهلية بشيء من دين إبراهيم غير الختان وحج البيت، فلما جاء الإسلام عادت الحنيفية.
وقال الحنيف: المائل عن الأديان كلها إلى دين الإسلام. ابن عباس:
وقال الحنيفية: اتباع إبراهيم فيما أتى به من الشريعة التي صار بها إماما للناس. مجاهد:
قوله تعالى: قولوا آمنا بالله الآية.
أخبرنا عمر بن أبي عمرو المزكي، أخبرنا محمد بن مكي، أخبرنا محمد بن يوسف، أخبرنا محمد بن [ ص: 219 ] إسماعيل الجعفي، حدثنا محمد بن بشار، حدثنا أخبرني عثمان بن عمر، عن علي بن المبارك، عن يحيى بن أبي كثير، أبي سلمة، قال: كان أهل الكتاب يقرءون التوراة بالعبرانية، ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبي هريرة ، و "لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم" قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم الآية. عن
أخبرنا أبو عثمان سعيد بن العباس القرشي - فيما كتب إلي - أن العباس بن الفضل بن زكريا، أخبرهم عن حدثنا أحمد بن نجدة، حدثنا سعيد بن منصور، هشيم، أخبرنا جويبر، عن قال: الضحاك، ويصدقوا بما جاءوا به، فإن الله تعالى يقول: علموا أولادكم وأهاليكم وخدمكم أسماء الأنبياء الذين ذكرهم الله في كتابه، حتى يؤمنوا بهم، قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب الآية.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم المزكي، أخبرنا أبو سعيد إسماعيل بن أحمد الجرجاني، أخبرنا [ ص: 220 ] عبد الله بن زيدان البجلي، حدثنا حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء، حدثنا مروان بن معاوية، أخبرني عثمان بن حكيم، سعيد بن يسار، أخبره: ابن عباس في الأولى منهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الركعتين - ركعتي الفجر - قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم الآية كلها، وفي الآخرة واشهد بأنا مسلمون . أن
رواه عن مسلم قتيبة عن قوله: والأسباط قال مروان بن معاوية الأسباط في ولد الزجاج: إسحاق بمنزلة القبائل في ولد إسماعيل، فولد كل واحد من ولد يعقوب: سبط، وولد كل واحد من ولد إسماعيل: قبيلة.
وإنما سموا هؤلاء بالأسباط وهؤلاء بالقبائل، ليفصل بين ولد إسماعيل وولد إسحاق.
قال ابن الأعرابي: خاصة الأولاد، وكان في الأسباط أنبياء، لذلك قال: وما أنزل إليهم. السبط في كلام العرب:
وما أوتي موسى وعيسى أي: من الآيات والكتاب، وما أوتي النبيون من ربهم من المعجزات والكتب، لا نفرق بين أحد منهم أي: لا نكفر ببعض ونؤمن ببعض كما فعلت اليهود والنصارى، ونحن له مسلمون أي: مخلصون ديننا عن الشرك بالله تعالى.
[ ص: 221 ] قال علموا أولادكم وأهاليكم وخدمكم أسماء الأنبياء الذين ذكرهم الله في كتابه حتى يؤمنوا بهم ويصدقوهم بما جاءوا به. الحسن:
وقالت العلماء: فيجب على الإنسان أن يعلم صبيانه ونساءه أسماء الأنبياء، ويأمرهم بالإيمان بجميعهم، إذ لا يبعد أن يظنوا أنهم كلفوا الإيمان لا يكون الرجل مؤمنا حتى يؤمن بسائر الأنبياء السابقين وجميع الكتب التي أنزلها الله تعالى على الرسل، بمحمد صلى الله عليه وسلم فقط، فيلقنوا قوله تعالى: قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا الآية.
قوله تعالى: فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به قال المعنى: ابن الأنباري: فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به أي: فإن آمنوا مثل إيمانكم، فزيدت الباء للتوكيد كما زيدت في قوله تعالى: وهزي إليك بجذع النخلة .
وقال أبو معاذ النحوي: أراد: فإن آمنوا هم بكتابكم كما آمنتم أنتم بكتابهم، فالمثل ها هنا المراد به الكتاب، وقيل: المثل: صلة، والمعنى: فإن آمنوا آمنتم به.
وقد يذكر المثل ويراد به الشبه والنظير كقول الشاعر:
يا عاذلي دعني من عذلكا مثلي لا يقبل من مثلكا
أي: أنا لا أقبل منك.وكان يقرأ فإن آمنوا بما آمنتم به، وهذا يدل على أن مثل في قراءتنا صلة. ابن عباس
قوله: فقد اهتدوا أي: قد صاروا مسلمين، وإن تولوا أي: أعرضوا عن الإيمان بكتابكم ونبيكم، فإنما هم في شقاق في خلاف وعداوة.
[ ص: 222 ] و "الشقاق" و "المشاقة": المخالفة، ومنه قوله تعالى: (ومن يشاقق الرسول )، (ومن يشاق الله ).
وقوله: فسيكفيكهم الله وعد من الله لرسوله بكفايته أمر من عاداه من مخالفيه، قال المفسرون: ثم كفاه الله أمر اليهود بالقتل والسبي في قريظة، والجلاء والنفي في بني النضير، والجزية والذلة في نصارى نجران.
قوله: صبغة الله "الصبغ": ما يلون به الثياب، والصبغ: المصدر، قال الحسن، وقتادة، وأبو العالية، ومجاهد، وابن زيد، والسدي، وعطية: دين الله، وإنما سمي الدين صبغة لأن المتدين يلزمه ولا يفارقه كما يلزم الصبغ الثوب.
وقال في رواية ابن عباس، صبغة الله يعني: دين الله، الكلبي: ومن أحسن من الله صبغة يقول: دينا؟ وذلك أن النصارى كان إذا ولد لأحدهم ولد فأتى عليه سبعة أيام صبغوه في ماء لهم ليطهروه بذلك، ويقولون: هذا طهور.
مكان الختان، وذلك حين جعلوه نصرانيا، وهم صنف من النصارى، فجعل الله وأمر به معارضة للنصارى. الختان للمسلمين تنظيفا وتطهيرا،
وسمي الختان صبغة من حيث كان بدل ما فعلوه من صبغهم أولادهم، كما قال: وجزاء سيئة سيئة فسمى الثانية سيئة لما كانت في معارضة الأولى.
وصبغة الله نصب على الإغراء، على معنى: الزموا واتبعوا.