فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك وضائق به صدرك أن يقولوا لولا أنزل عليه كنز أو جاء معه ملك إنما أنت نذير والله على كل شيء وكيل أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين فإلم يستجيبوا لكم فاعلموا أنما أنزل بعلم الله وأن لا إله إلا هو فهل أنتم مسلمون
[ ص: 111 ] فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك ، وذلك أن كفار قريش قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم في يونس: ائت بقرآن غير هذا ، ليس فيه ترك عبادة آلهتنا ولا عيبها، أو بدله أنت من تلقاء نفسك، فهم النبي صلى الله عليه وسلم أن لا يسمعهم عيبها رجاء أن يتبعوه، فأنزل الله تعالى: فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك ، يعني تارك ما أنزل إليك من أمر الآلهة، وضائق به صدرك في البلاغ، أراد أن يحرضه على البلاغ، أن يقولوا لولا ، يعني هلا، أنزل عليه كنز ، يعني المال من السماء فيقسمه بيننا، أو جاء معه ملك يعينه ويصدقه بقوله: إن كان محمد صادقا في أنه رسول، ثم رجع إلى أول هذه الآية، فقال: بلغ يا محمد، إنما أنت نذير والله على كل شيء وكيل ، يعني شهيد بأنك رسول الله تعالى.
أم ، يعني بل، يقولون إن محمدا افتراه ، قالوا: إنما يقول محمد هذا القرآن من تلقاء نفسه، قل لكفار مكة: فأتوا بعشر سور مثله مفتريات ، يعني مختلفات مثله، يعني مثل القرآن، وادعوا ، يعني واستعينوا عليه، من استطعتم من الآلهة التي تعبدون، من دون الله إن كنتم صادقين بأن محمدا تقوله من تلقاء نفسه.
قال في هذه السورة: فأتوا بعشر سور مثله مفتريات ، فلم يأتوا، ثم قال في سورة يونس: فأتوا بسورة مثله واحدة، وفي البقرة أيضا: فأتوا بسورة من مثله ، فقال الله في التقديم: ولن تفعلوا البتة أن تجيئوا بسورة: فإن لم تفعلوا ، يعني فإذا لم تفعلوا، فاتقوا النار التي أعدت للكافرين، فإلم يستجيبوا لكم ، يعني النبي صلى الله عليه وسلم وحده، يقول: فإن لم تفعلوا ذلك يا محمد، فقل لهم: يا معشر كفار مكة: فاعلموا أنما أنزل هذا القرآن بعلم الله ، يعني بإذن الله، وقراءة أنما أنزل بإذن الله، "و" اعلموا ابن مسعود: وأن لا إله إلا هو بأنه ليس له شريك، إن لم يجيئوا بمثل هذا القرآن قل لهم: فهل أنتم مسلمون ، يعني مخلصين بالتوحيد.
[ ص: 112 ]