أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمة أولئك يؤمنون به ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده فلا تك في مرية منه إنه الحق من ربك ولكن أكثر الناس لا يؤمنون ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أولئك يعرضون على ربهم ويقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا وهم بالآخرة هم كافرون أولئك لم يكونوا معجزين في الأرض وما كان لهم من دون الله من أولياء يضاعف لهم العذاب ما كانوا يستطيعون السمع وما كانوا يبصرون أولئك الذين خسروا أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون لا جرم أنهم في الآخرة هم الأخسرون
أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه ، يعني القرآن، شاهد منه ، يقول: يقرؤه جبريل، عليه السلام، على محمد صلى الله عليه وسلم، وهو شاهد لمحمد أن الذي يتلوه محمد من القرآن أنه جاء من الله تعالى.
ثم قال: ومن قبله كتاب موسى ، يقول: ومن قبل كتابك يا محمد، قد تلاه [ ص: 113 ] جبريل على موسى، يعني التوراة، إماما يقتدى به، يعني التوراة، ورحمة لهم من العذاب، لمن آمن به، أولئك يؤمنون به ، يعني أهل التوراة يصدقون بالقرآن كقوله في الرعد: والذين آتيناهم الكتاب يفرحون ، يعني بقرآن محمد صلى الله عليه وسلم أنه من الله عز وجل.
ومن يكفر به بالقرآن من الأحزاب ، يعني ، ابن أمية وابن المغيرة ، وابن عبد الله المخزومي ، وآل أبي طلحة بن عبد العزى، فالنار موعده ، يقول: ليس الذي عمل على بيان من ربه كالكافر بالقرآن موعده النار ليسوا بسواء، فلا تك في مرية منه ، وذلك أن كفار قريش قالوا: ليس القرآن من الله، إنما تقوله محمد، وإنما يلقيه الري، وهو شيطان يقال له: الري، على لسان محمد صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله: فلا تك في مرية منه ، يقول: في شك من القرآن، إنه الحق من ربك ، إنه من الله عز وجل، وأن القرآن حق من ربك، ولكن أكثر الناس لا يؤمنون ، يعني ولكن أكثر أهل مكة لا يصدقون بالقرآن أنه من عند الله تعالى.
ثم ذكرهم، فقال: ومن أظلم ، يقول: فلا أحد أظلم ممن افترى ، يعني تقول على الله كذبا بأن معه شريكا، أولئك الكذبة يعرضون على ربهم ويقول الأشهاد ، يعني الأنبياء، ويقال: الحفظة، ويقال: الناس، مثل قول الرجل: على رءوس الأشهاد، هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ، يعني بالأشهاد، يعني الأنبياء، فإذا عرضوا على ربهم، قالت الأنبياء: نحن نشهد عليكم أنا شهدنا بالحق فكذبونا، ونشهد أنهم كذبوا على ربهم، وقالوا: إن مع الله شريكا، ألا لعنة الله على الظالمين ، يعني المشركين، نظيرها في الأعراف: أن لعنة الله على الظالمين . ثم أخبر عنهم، فقال: الذين يصدون عن سبيل الله ، يعني دين الإسلام، ويبغونها عوجا ، يقول: ويريدون بملة الإسلام زيفا، وهم بالآخرة ، يعني بالبعث الذي فيه جزاء الأعمال، هم كافرون ، يعني بأنه ليس بكائن.
ثم نعتهم، فقال: أولئك لم يكونوا معجزين ، يعني بسابقي الله في الأرض هربا حتى يجزيهم بأعمالهم الخبيثة، وما كان لهم من دون الله من أولياء ، يعني أقرباء يمنعونهم من الله، يضاعف لهم العذاب ما كانوا يستطيعون السمع ، يعني ما كانوا على [ ص: 114 ] سمع إيمان بالقرآن، وما كانوا يبصرون الإيمان بالقرآن؛ لأن الله جعل في آذانهم وقرا، وعلى أبصارهم غشاوة.
ثم نعتهم، فقال: أولئك الذين خسروا أنفسهم ، يعني غبنوا أنفسهم، وضل عنهم ما كانوا يفترون . لا جرم حقا، أنهم في الآخرة هم الأخسرون .