وأوحي إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن فلا تبتئس بما كانوا يفعلون واصنع الفلك بأعيننا ووحينا ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون ويصنع الفلك وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه قال إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ويحل عليه عذاب مقيم حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول ومن آمن وما آمن معه إلا قليل
ثم ذكر نوحا، فقال: وأوحي إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن ، يعني إلا من صدق بتوحيد الله، فلا تبتئس ، يعني فلا تحزن، بما كانوا يفعلون ، يعني بكفرهم بالله عز وجل.
واصنع الفلك ، يعني السفينة واعمل فيها، بأعيننا ، يعني بعلمنا، ووحينا كما نأمرك، فعملها نوح في أربعمائة سنة، وكانت السفينة من ساج، ولا تخاطبني ، يقول: ولا تراجعني في الذين ظلموا ، يعني الذين أشركوا، وهو ابنه كنعان بن نوح ، فإنه من الذين ظلموا، إنهم مغرقون لقول نوح: رب إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين . ويصنع الفلك ، يعني يعمل فيها، وكلما مر عليه ، يعني كلما أتى عليه ملأ ، يعني أشراف من قومه سخروا منه حين يزعم أنه يصنع بيتا يسير على الماء، ولم يكونوا رأوا سفينة قط، قال لهم نوح: إن تسخروا منا لصنعنا السفينة، فإنا نسخر منكم إذا نزل بكم الغرق، كما تسخرون . فسوف تعلمون هذا وعيد من يأتيه عذاب يخزيه ، يعني يذله، يعني الغرق، [ ص: 118 ] ويحل عليه ، ويجب عليه عذاب مقيم ، يعني في الآخرة دائما لا يزول عن أهله.
حتى إذا جاء أمرنا ، يعني قولنا في نزول العذاب بهم، وفار التنور ، فار الماء من التنور الذي يخبز فيه، وكان بأقصى دار نوح بالشام بعين وردة، قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين ، يعني صنفين اثنين ذكرا وأنثى، فهو زوجان، ولولا أنه قال: اثنين، لكان الزوجان أربعة، "و" احمل وأهلك واسمها والغة، واسم امرأة لوط والهة، في السفينة، إلا من سبق عليه القول ، يعني العذاب في اللوح المحفوظ من أهلك، يعني كنعان بن نوح ، فلا تحملهم معك، فاستثنى من أهله ابنه وامرأته، ومن آمن ، يعني ومن صدق بتوحيد الله، فاحمله في السفينة، يقول الله تعالى: وما آمن معه مع نوح، إلا قليل ، يقال: بأنهم أربعون رجلا وأربعون امرأة عددهم ثمانون نفسا، واسم القرية اليوم قرية الثمانين، وهيبالجزيرة قريبة من الموصل وهي بافردى .