الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولو أنهم آمنوا واتقوا لمثوبة من عند الله خير لو كانوا يعلمون  يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا واسمعوا وللكافرين عذاب أليم  

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : ولو أنهم آمنوا واتقوا لمثوبة من عند الله يعني : الثواب يوم القيامة خير لو كانوا يعلمون أي : لو كانوا علماء لآمنوا بعلمهم ذلك ، واتقوا ولا يوصف الكفار بأنهم علماء .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا قال الكلبي : راعنا كلمة كانت العرب (تكني بها) ؛ يقول الرجل لصاحبه : راعني سمعك ؛ فلما سمعتهم اليهود يقولون هذا للنبي عليه السلام أعجبهم ذلك ، و (راعني) في [ ص: 167 ] كلام اليهود كلمة يسب [بها بعضهم بعضا] فقالوا : قوموا بنا نسب محمدا [فأعلنوا] له السب ، فكانوا يأتونه ، فيقولون : يا محمد راعنا . ويضحكون ، فعرفها رجل من الأنصار كان يعرف لغتهم ، فقال : يا أعداء الله ، عليكم لعنة الله ، والذي نفسي بيده لئن سمعت رجلا منكم بعد مجلسي هذا يعيدها لأضربن عنقه ، فقالوا : أولستم تقولونها للنبي ؟ ! فقال الله للذين آمنوا : لا تقولوا لمحمد : راعنا ولكن قولوا : انظرنا ؛ أي : انتظرنا نتفهم . فقال المؤمنون : الآن لئن سمعتم بالرجل من اليهود يقول لنبيكم : راعنا - فأوجعوه ضربا . فانتهت عنها اليهود بعد ذلك .

                                                                                                                                                                                                                                      قال محمد : وذكر غير يحيى ؛ أن المسلمين كانوا يقولون لرسول الله صلى الله عليه وسلم : راعنا وأرعنا سمعك ، وأصل الكلمة من راعيت الرجل ؛ إذا تأملته ، وتعرفت أحواله [ومنه يقال : أرعني سمعك] . وكانت اليهود يقولونها لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهي بلغتهم سب ، ويحرفونها إلى ما في قلوبهم من السب لرسول الله صلى الله عليه وسلم والطعن عليه .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : واسمعوا يعني : واستمعوا ما يأمركم به رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تكونوا كالكافرين الذين لا يقولون : انظرنا ، ولا يسمعون قول رسول الله صلى الله عليه وسلم عذاب أليم أي : موجع .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية