الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        قوله جل وعز: فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك   .

        1957 - أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، قال: حدثنا ابن وهب ، قال: أخبرني يونس ، والليث بن سعد ، عن ابن شهاب ، أن عروة بن الزبير حدثه، أن الزبير بن العوام أنه خاصم رجلا من الأنصار قد شهد بدرا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في شراج من الحرة، كان يسقيان به كلاهما النخل.

        فقال الأنصاري: سرح الماء يمر [فأبى عليه] فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اسق يا زبير ، ثم أرسل إلى جارك" فغضب الأنصاري، وقال: يا رسول الله [ ص: 776 ] أن كان ابن عمتك! فتلون وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: "يا زبير اسق، ثم احبس الماء حتى يرجع إلى الجدر"، واسترعى رسول الله للزبير حقه، وكان رسول الله قبل ذلك أشار على الزبير برأي، أراد فيه السعة للزبير ، وللأنصاري، ما أحسب هذه الآية أنزلت إلا في ذلك: فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك إلى ويسلموا تسليما وأحدهما يزيد على صاحبه في القصة.


        1958 - حدثنا حاتم بن منصور الشاشي ، وأبو يحيى بن أبي مسرة ، قالا: حدثنا الحميدي ، قال: حدثنا سفيان ، قال: حدثنا عمرو بن دينار ، قال: أخبرني سلمة ، رجل من ولد أم سلمة ، عن أم سلمة ، أن الزبير بن العوام خاصم رجلا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقضى للزبير ، فقال الرجل: إنما قضى له، لأنه ابن عمته، فأنزل الله عز وجل: فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك  الآية إلى تسليما .

        1959 - حدثنا علي بن المبارك ، قال: حدثنا زيد ، قال: حدثنا ابن ثور ، عن ابن جريج ، عن مجاهد : ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم إلى فلا وربك لا يؤمنون حتى قوله: ويسلموا تسليما هذا في الرجل اليهودي، والرجل المسلم اللذين تحاكما إلى كعب بن الأشرف .

        [ ص: 777 ]

        1960 - حدثنا زكريا ، قال: حدثنا إسحاق ، قال: حدثنا روح بن عبادة ، قال: حدثنا زكريا بن إسحاق ، عن عمرو بن دينار ، عن ابن عباس ، عن أبي سعيد الخدري ، أنه نازع الأنصار في الماء من الماء، فقال لهم: أرأيت لو أني عملت أن ما تقولون كما تقولون وأغتسل أنا، فقالوا له: لا والله حتى لا يكون في صدرك حرج مما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال: فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم .

        قوله جل ذكره: فيما شجر بينهم .

        1961 - أخبرنا علي بن عبد العزيز ، قال: حدثنا الأثرم ، عن أبي عبيدة : فيما شجر بينهم أي: اختلط.

        قوله جل وعز: ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت .

        1962 - حدثنا زكريا ، قال: حدثنا إسحاق ، قال: أخبرنا محمد بن يزيد ، عن جويبر ، عن الضحاك .

        قال زكريا : وحدثنا الحسين بن أبي الربيع ، قال: حدثنا يزيد بن هارون ، عن جويبر ، عن الضحاك ، في قوله عز وجل: ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا قال: إثما.

        [ ص: 778 ]

        1963 - أخبرنا علي بن عبد العزيز ، قال: حدثنا الأثرم ، عن أبي عبيدة : لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت أي: ضيقا .

        1964 - حدثنا زكريا ، قال: حدثنا محمد بن رافع ، قال: حدثنا شبابة ، قال: حدثني ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : حرجا مما قضيت ، قال: شكا.

        -وكذلك قال قتادة .

        قوله عز وجل: ويسلموا تسليما .

        1965 - حدثنا علي بن المبارك ، قال: حدثنا زيد ، قال: حدثنا ابن ثور ، عن ابن جريج : فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك حتى قوله: ويسلموا تسليما . فقال الرجل -يعني الذي كان خاصم الزبير - قال: فقال الرجل: -وكان من الأنصار- سلمت.

        وقال بعضهم في قوله: ويسلموا تسليما أي: حتى يحكموك، وحتى لا يجدوا حرجا، وحتى يسلموا تسليما، كل هذا معطوف على ما بعد حتى.

        [ ص: 779 ]

        التالي السابق


        الخدمات العلمية