الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ويسألونك عن اليتامى  

                                                                                                                                                                                                                                      يقال للغلام يتم ييتم يتما ويتما. قال: وحكي لي يتم ييتم.

                                                                                                                                                                                                                                      وإن تخالطوهم فإخوانكم ترفع الإخوان على الضمير (فهم) كأنك قلت (فهم إخوانكم) ، ولو نصبته كان صوابا يريد: فإخوانكم تخالطون، ومثله [ ص: 142 ] فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم ولو نصبت هاهنا على إضمار فعل (ادعوهم إخوانكم ومواليكم) . وفي قراءة عبد الله "إن تعذبهم فعبادك" وفي قراءتنا فإنهم عبادك .

                                                                                                                                                                                                                                      وإنما يرفع من ذا ما كان اسما يحسن فيه "هو" مع المرفوع. فإذا لم يحسن فيه "هو" أجريته على ما قبله فقلت: إن اشتريت طعاما فجيدا، أي فاشتر الجيد، وإن لبست ثيابا فالبياض، تنصب؛ لأن "هو" لا يحسن هاهنا، والمعنى في هذين هاهنا مخالف للأول، ألا ترى أنك تجد القوم إخوانا وإن جحدوا، ولا تجد كل ما يلبس بياضا، ولا كل ما يشترى جيدا. فإن نويت أن ما ولي شراءه فجيد رفعت إذا كان الرجل قد عرف بجودة الشراء وبلبوس البياض. وكذلك قول الله فإن خفتم فرجالا نصب؛ لأنه شيء ليس بدائم، ولا يصلح فيه "هو"، ألا ترى أن المعنى: إن خفتم أن تصلوا قياما فصلوا رجالا أو ركبانا [رجالا يعني: رجالة] فنصبا؛ لأنهما حالان للفعل لا يصلحان خبرا.

                                                                                                                                                                                                                                      والله يعلم المفسد من المصلح المعنى في مثله من الكلام: الله يعلم أيهم يفسد وأيهم يصلح. فلو وضعت أيا أو من مكان الأول رفعته، فقلت: أنا أعلم أيهم قام من القاعة، قال [الفراء] سمعت العرب تقول: ما يعرف أي من أي. وذلك أن (أي) و (من) استفهامان، والمفسد خبر. ومثله ما أبالي قيامك أو قعودك، ولو جعلت في الكلام استفهاما بطل الفعل عنه فقلت: ما أبالي أقائم أنت أم قاعد. ولو ألقيت الاستفهام اتصل الفعل بما قبله فانتصب. والاستفهام كله منقطع مما قبله لخلقة الابتداء به. [ ص: 143 ] .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية