الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك  كان الأعمش وعاصم يجزمان الهاء في يؤده و نوله ما تولى ، و أرجه وأخاه ، و خيرا يره ، و شرا يره ، وفيه لهما مذهبان، أما أحدهما فإن القوم ظنوا أن الجزم في الهاء، وإنما هو فيما قبل الهاء. فهذا وإن كان توهما، خطأ. وأما الآخر فإن من العرب من يجزم الهاء إذا تحرك ما قبلها فيقول ضربته ضربا شديدا، أو يترك الهاء؛ إذ سكنها وأصلها الرفع بمنزلة رأيتهم وأنتم، ألا ترى أن الميم سكنت وأصلها الرفع. ومن العرب من يحرك الهاء حركة بلا واو، فيقول ضربته (بلا واو) ضربا شديدا. والوجه الأكثر أن توصل بواو فيقال كلمتهو كلاما، على هذا البناء، وقد قال الشاعر في حذف الواو:


                                                                                                                                                                                                                                      أنا ابن كلاب وابن أوس فمن يكن قناعه مغطيا فإنى لمجتلى



                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 224 ] وأما إذا سكن ما قبل الهاء فإنهم يختارون حذف الواو من الهاء فيقولون: دعه يذهب، ومنه، وعنه. ولا يكادون يقولون: منهو ولا عنهو، فيصلون بواو إذا سكن ما قبلها؛ وذلك أنهم لا يقدرون على تسكين الهاء وقبلها حرف ساكن، فلما صارت متحركة لا يجوز تسكينها اكتفوا بحركتها من الواو.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: إلا ما دمت عليه قائما يقول: ما دمت له متقاضيا. والتفسير في ذلك أن أهل الكتاب كانوا إذا بايعهم أهل الإسلام أدى بعضهم الأمانة، وقال بعضهم: ليس للأميين -وهم العرب- حرمة كحرمة أهل ديننا، فأخبر الله -تبارك وتعالى- أن فيهم أمانة وخيانة، فقال تبارك وتعالى: ويقولون على الله الكذب في استحلالهم الذهاب بحقوق المسلمين.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية