الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تصرفات زوجي بعد عقد القران جعلتني أفكر في الطلاق!

السؤال

السلام عليكم.

أنا بنت، تم عقد قراني فقط بدون زواج، ومرّ على عقد القران سنة كاملة، وكنت متحمسةً جدًا لتكوين أسرة، وبدء حياة جديدة مع شريك حياتي، وبدون مبالغة أو سعي شعرت بالمشاعر من أول شهر، واندفعت في مشاعري وعلاقتي به بشكلٍ مفرطٍ، وقوبل هذا الاندفاع بتصرفات غريبة لمدة شهر، وكانت ردة فعل الاستغراب مع نفسي، حتى ضاق الحال، وانفجرت بأني أريد الطلاق، لكنه اعتذر، وقال: بأنها كانت تصرفات لقياس ردود فعلي، وتقييمي، وفهم شخصيتي، وبعد هذا حصلت تغيرات، ولكن ظل قلب الطاولة وعدم الاعتراف بالخطًأ ملازمًا لشخصيته طول فترة العقد، فكنت أنا المحبة المبادرة دائمًا، وهو يشبه المتلقي فقط إلا فيما ندر.

وفي كل خطأ أو مشكلة أجده يقلب الطاولة بطريقة تجعلني أشعر وكأن عقلي يريد الخروج من مكانه، من عدم استيعابي قدرته في قلب وإنكار الحقائق بهذه الطريقة! ومع هذا أعود بمشاعري وأبادر؛ لأني أحببته حبًا كثيرًا، وحاولت أن أشكو له، وأبكي وأوضح له الأمور التي تزعجني، وهكذا طول هذه السنة، وبدون جدوى، وما زاد على ذلك إهماله لي، حتى في الأعياد والمناسبات؛ فلا أعرف منه أي شيء، لا كسوة عيد، ولا مصروفاً، خصوصًا أنه يعرف أني أوقفت العمل هذه الفترة.

فتراكمت الأوجاع والمواقف بداخلي، حتى اقتنعت آني لا أستطيع الإكمال في هذه العلاقة، وأنها فوق طاقتي وقدرتي، وأصبحت لا أطيقه، وأدركت تمامًا أني لو أكملت فيها ستكون حياتي جحيمًا، وسأعود لبيت أبي مطلقةً؛ لذلك طلبت الطلاق حاليًا كونه أقل الخسائر، ولكنه غير مدرك بما فعله بي، ويحملني المسؤولية بأني لعبت وضحكت عليه، ويتحسب عليّ!!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ عائشة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بكِ -ابنتَنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لكِ الاهتمام وحسن العرض للسؤال، ونسأل الله أن يُقدِّر لك الخير، وأن يُصلح الأحوال، وأن يهدي هذا الزوج ويهدينا جميعًا لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلَّا هو.

وأرجو أن نؤكد أن العلاقة الزوجية المستقرة ينبغي أن تتبادل فيها المشاعر، فيكون الميل مشتركًا، والقبول مشتركًا، والتضحيات مشتركة، والتلهف أيضًا لإكمال المشوار مشتركًا.

وإذا كان هذا الأمر قد انعدم؛ فنحن نتمنى أن تعيدوا دراسة الوضع، وألَّا تستعجلوا في موضوع الطلاق، وكذلك أيضًا ألَّا تستعجلي في بناء حياةٍ ليس فيها الوضوح، حياة ليس فيها الصدق، حياة ليس فيها المشاركة، يعني هذه أمورٌ من الأهمية بمكان.

وكنا بحاجة إلى أن نسمع رأي المحيطين بكِ؛ فالمرأة بحاجةٍ إلى رأي أوليائها؛ لأن الرجال أعرفُ بالرجال، وأيضًا أنتِ من خلال هذه المدة تبينتْ لكِ شخصية هذا الرجل، وعلى كل حال: نحن نؤكد أننا جميعنا رجالًا ونساءً بشر والخطأ يُلازمنا، وطوبى لمن تُغمَر سيئاته القليلة في بحور حسناته.

أنت بحاجة إلى إعادة تقييم الوضع: ما هي شخصية هذا الرجل؟ ما إيجابياته وسلبياته؟ ثم انظري في الفرص المتاحة أمامك في المجتمع، ثم بعد ذلك فكِّري فيمَن يمكن أن يطرق الأبواب، وهل يوجد شباب الآن يمكن أن يطرقوا الأبواب؟ وهل مسألة الزواج متاحة، ومُشاعة، وسهلة، وميسرة؟ هذه أمور لا بد أن ينظر فيها الإنسان.

إذًا: القرار الصحيح هو الذي ننظر فيه إلى مآلات الأمور وعواقبها، وإذا كنتِ ستقدمين على فكرة الطلاق، فما رأي أفراد الأسرة؟ وهل صلّيتِ استخارة؟ وهل شاورتِ العقلاء والعاقلات من أهلك ومحارمك؟ وهل تفكرتِ في عواقب هذه الخطوة؟ ثم أيضًا لابد أن تُدركي أن مسألة الطلاق ليست بهذه السهولة، والطلاق لا يُفرح سوى عدونا الشيطان.

فنحن لا نؤيد الاستعجال بالطلاق، ولا نؤيد الدخول إلى حياة فيها ضبابية، وفيها غياب للحكم؛ لذلك نتمنى أن تجدي من المصلحين والمصلحات من أهله وأهلك مَن يستطيع أن يضع معكم النقاط على الحروف.

وإذا تعيَّن الطلاق، وظهر أنه لا بد منه، فالمصلحة أن يحدث مبكرًا قبل أن تكتمل العلاقة، وبعد ذلك تكون الإشكالات كبرى؛ لأنه قد يوجد بعد ذلك أطفال، وتتعقد المسألة أكثر.

أكرر دعوتي لكِ بأن تقفي لدراسة هذا الموضوع بعيدًا عن العواطف، بعد النظر في الإيجابيات والسلبيات، وعواقب الأمور ومآلاتها كما أشرنا، حتى يكون القرار صحيحًا، وقبل ذلك استخارة واستشارة.

نسأل الله أن يُقدّر لكِ الخير ثم يُرضيكِ به.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات