الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لست مميزًا عن الآخرين ولكني أشعر بأنني محسود، فما توجيهكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا شاب أبلغ من العمر 32 سنة، أعزب، وعندما كنت طفلًا صغيرًا في سن يتراوح بين 5 -7 سنوات، أحضرت لي عمتي رجلًا يدعي أنه يعلم الغيب، وقام بما يسمى فتح المندل عليّ، وكتب على جبهتي باللون الأحمر، وجعلني أشرب ماء قرئ عليه، وكنت حينها في حالة فقدان للوعي، وكانوا يبحثون عن شيء مسروق، أو آثار ضائعة.

أغمضت عينيّ، وبدأت أرى جيشًا فرعونيًا يحمل رماحًا ودروعًا، يقفون في مدخل مدينة أو معبد، وكأنهم يتدربون ويستعدون للحرب، ثم بدأ ذلك الشخص يوجه لي أسئلة، فقال: هل تراني؟ فأجبت: نعم، قال: من معي، شخص أبيض أم أسمر؟ فأجبت: أبيض، فقال: لا، بل أسمر، وبعدها سألني: ماذا ترى؟ كنت أرى حينها مشاهد من كرتون -توم وجيري-، لكنني شعرت بالخجل فلم أخبره، ومنذ تلك اللحظة دخلت في حالة من التيه والتشتّت.

كبرت وأنا بعيد عن الصلاة، ولم يكن هناك من يوجهني أو يصلي معي، ودائمًا ما أشعر أن الصلاة ثقيلة على قلبي، رغم أنني أحيانًا عندما أؤدّيها، أشعر براحة نفسية عظيمة.

كثيرًا ما ينتابني شعور بأنني محسود، وأن عيون الناس عليّ، مع أنني لست مميزًا بدرجة تجعلهم يحسدونني، لكنهم يصرحون بذلك، حتى إن بعضهم يحسدني على هدوئي فقط، ويقولها صراحة.

أتساءل الآن: ما هو أثر فتح المندل عليّ؟ وهل أصبحت بعد تلك الحادثة مفتوح المصدر أمام الشيطان والجن؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلًا بك في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يحفظك، وأن يبارك فيك، وأن يقدر لك الخير حيث كان:

فما فعله معك ذلك الرجل، لا علاقة له بالعلم الشرعي، ولا بالغيب، بل هو من أعمال الشعوذة والدجل، فالغيب لا يعلمه إلا الله تعالى: {قُل لا يَعْلَمُ مَن فِي السَّماواتِ وَالأَرضِ الغَيبَ إِلَّا اللَّهُ}.

وما جرى معك كان استدراجًا من الشيطان، باستخدام طقوس محرمة، مثل: الكتابة بالدم أو اللون الأحمر، استخدام ماء مقروء عليه بطرق بدعية، وإلزام الطفل بغلق عينيه، وهذه الأشياء قد تؤدي إلى حضور الجن والتلاعب بعقل الطفل، فيخيّل له صورًا وأحداثًا، مثل: الجيش الفرعوني، أو مشاهد الكرتون، وهذا ليس من قدرات، ولا فتح بصيرة، بل وسوسة وإيحاء من الشيطان.

ثانيًا: هل أثر ذلك عليك الآن؟
لا يوجد شيء اسمه أن جسدك أصبح مفتوح المصدر، أو أن الشيطان يملكك لمجرد تلك التجربة، الشيطان يوسوس لكل إنسان، سواء حضر جلسة سحر أو لم يحضر، قال تعالى: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا}، لكن ما حدث قد يكون فتح بابًا للخوف والوسواس عندك، وترك أثرًا نفسيًا جعل الصلاة ثقيلة، والشكوك كثيرة، فهذه ليست سيطرة مطلقة من الجن، وإنما أثر نفسي تركته تلك التجربة.

ثالثًا: موضوع الحسد والعين:
إحساسك بأن الناس ينظرون إليك أو يحسدونك، أمر طبيعي يشعر به الكثير، خصوصًا إذا كان الشخص حساسًا، أو تعرض لتعليقات متكررة، والحسد حق ومذكور في القرآن: {وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ}، لكنه لا يضر إلا بقدر الله، والتحصين بالأذكار يحفظك منه، وليس شرطًا أن تكون صاحب مال أو جاه حتى تُحسد، فحتى الهدوء، أو جمال الملامح، أو أي نعمة صغيرة، قد تجلب العين.

رابعًا: الحل العملي لك الآن:

-المحافظة على الصلاة: حتى لو شعرت بثقل، قاوم وابدأ بالفرائض فقط، وأخبر نفسك أن الراحة التي تحسها أحيانًا بعد الصلاة هي علامة على أن الصلاة شفاء لك.
- التحصين اليومي: اقرأ الفاتحة، آية الكرسي، الإخلاص، والمعوذتين صباحًا ومساءً ثلاث مرات، وحاول أن تحفظ أذكار الصباح والمساء.
- سورة البقرة: اجعل تلاوتها عادة، فهي تطرد الشياطين، وتبطل السحر والعين، ويمكنك سماعها بصوت قارئ يوميًا في البيت.

- الرقية الشرعية لنفسك: ضع يدك على رأسك واقرأ: الفاتحة، وآية الكرسي، وخواتيم سورة البقرة، ثم انفث على صدرك.
- تغيير الفكرة الذهنية: لا تكرر لنفسك: أنا محسود، أنا ممسوس، وقل: أنا محفوظ بالله، ولن يضرني شيء إلا -بإذن الله-، تغيير هذا الخطاب الداخلي مهم جدًا لطمأنة قلبك.
- الصحبة الصالحة الآمنة التي تحثك على الطاعة، أمر مهم كذلك.

وأخيرًا: لا تقلق، أنت لست مسكونًا ولا ممسوسًا لمجرد تجربة قديمة، وما حدث كان عبثًا من دجال، ووسوسة من شيطان، وقد انتهى، والآن أنت كبير، وتملك إرادتك، وبإمكانك أن تبدأ صفحة جديدة مع الله.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً