قل أتحاجوننا في الله وهو ربنا وربكم ولنا أعمالنا ولكم أعمالكم ونحن له مخلصون [ ص: 223 ] أم تقولون إن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط كانوا هودا أو نصارى قل أأنتم أعلم أم الله ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله وما الله بغافل عما تعملون تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون
قوله: قل أتحاجوننا في الله الآية، خاصمت يهود المدينة ونصارى نجران رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقالوا: إن أنبياء الله كانوا منا، ونبينا هو الأقدم، وكتابنا هو الأسبق، ولو كنت نبيا كنت منا.
فأنزل الله تعالى: قل أتحاجوننا أي: أتخاصموننا وتجادلوننا؟! وهذا استفهام معناه التوبيخ.
وقوله: في الله أي: في دين الله، وهو ربنا وربكم أي: نحن وأنتم عبيد له، ولنا أعمالنا نجازى بحسنها وسيئها، ولكم أعمالكم: وأنتم في أعمالكم على مثل سبيلنا، لا يؤخذ بعضنا بذنب بعض، ونحن له مخلصون موحدون.
قال وفي الآية إضمار وهو: وأنتم غير مخلصين، فحذف اكتفاء بقوله: ابن الأنباري: ونحن له مخلصون كقوله: سرابيل تقيكم الحر .
قوله: أم تقولون قرئ بالتاء والياء، فمن قرأ بالتاء فلأن ما قبله من قوله: قل أتحاجوننا وما بعده من قوله: قل أأنتم أعلم بالتاء، ومن قرأ بالياء فلأن المعنى لليهود والنصارى وهم غيب.
ومعنى الآية: كأنه قيل: بل أتقولون إن الأنبياء الذين ذكروا في هذه الآية من قبل أن تنزل التوراة كانوا هودا أو نصارى قل أأنتم أعلم أم الله أي: قد أخبرنا الله أن ولا أحد أعلم منه. الأنبياء كان دينهم الإسلام
وقوله: ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله توبيخ لليهود، قال يريد: من أظلم ممن كتم شهادته التي أشهد عليها؟! يريد أن الله أشهدهم في التوراة والإنجيل أنه باعث فيهم ابن عباس: محمد بن عبد الله من ذرية إبراهيم، وأخذ على ذلك مواثيقهم أن يبينوه للناس، فكتموه وكذبوا فيه.
وقال مجاهد، والربيع: الشهادة في أمر إبراهيم والأنبياء الذين ذكرهم أنهم كانوا حنفاء مسلمين، فكتموها وقالوا: إنهم كانوا هودا أو نصارى.
[ ص: 224 ] وقوله: وما الله بغافل عما تعملون وعيد لهم، أي أنه يجازيكم على خلاف ذلك.
قوله: تلك أمة قد خلت قد مضت هذه الآية، وأعيدت ها هنا ؛ لأن الحجاج إذا اختلفت مواطنه حسن تكريره للتذكير.