وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره ولا تنقصوا المكيال والميزان إني أراكم بخير وإني أخاف عليكم عذاب يوم محيط ويا قوم أوفوا المكيال والميزان بالقسط ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين بقيت الله خير لكم إن كنتم مؤمنين وما أنا عليكم بحفيظ قالوا يا شعيب أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء إنك لأنت الحليم الرشيد قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي ورزقني منه رزقا حسنا وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب ويا قوم لا يجرمنكم شقاقي أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح أو قوم هود أو قوم صالح وما قوم لوط منكم ببعيد واستغفروا ربكم ثم توبوا إليه إن ربي رحيم ودود
قوله: وإلى مدين ، وهو ابن إبراهيم خليل الرحمن، وشعيب بن نويب بن مدين بن إبراهيم، وإلى مدين أخاهم ، يعني أرسلنا، أخاهم شعيبا ، وليس بأخيهم في الدين، ولكن في النسب، قال يا قوم اعبدوا الله ، يعني وحدوا الله، ما لكم من إله غيره ، يقول: ليس لكم رب غيره، ولا تنقصوا المكيال والميزان إذا كلتم ووزنتم، إني أراكم بخير ، يعني موسرين في نعمة، وإني أخاف عليكم ، في الدنيا، عذاب يوم محيط ، يعني أحاط بهم العذاب، فلم ينج منهم أحد.
ويا قوم أوفوا المكيال والميزان بالقسط ، يعني بالعدل، ولا تبخسوا الناس أشياءهم ، يعني ولا تنقصوا الناس حقوقهم، ولا تعثوا في الأرض مفسدين ، يقول: لا تعملوا فيها المعاصي، يعني بالفساد نقصان الكيل والميزان.
بقيت الله ، يعني ثواب الله في الآخرة خير لكم إن كنتم مؤمنين ، يعني لو كنتم مؤمنين بالله عز وجل، لكان ثوابه خيرا لكم من نقصان الكيل والميزان، كقوله: ما عندكم ينفد وما عند الله باق ، يعني ثوابه باق، وما أنا عليكم ، يعني على أعمالكم بحفيظ ، يعني برقيب، والله الحافظ لأعمالكم.
[ ص: 129 ] قالوا يا شعيب أصلاتك تأمرك أن نترك ، يعني أن نعتزل ما كان يعبد آباؤنا ، وكانوا يعبدون الأوثان، أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء ، يعنون إن شئنا نقصنا الكيل والميزان، وإن شئنا وفينا، إنك لأنت الحليم ، يعنون السفيه، الرشيد ، يعنون الضال، قالوا ذلك لشعيب استهزاء.
قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي ورزقني منه رزقا حسنا ، يعني الإيمان، وهو الهدى، وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه ، يعني وما أريد أن أنهاكم عن أمر، ثم أركبه، لقولهم لشعيب في الأعراف: أو لتعودن في ملتنا . ثم قال: إن أريد ، يعني ما أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي في الإصلاح بالخير إلا بالله عليه توكلت ، يقول: به وثقت، لقولهم: لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا ، وإليه أنيب ، وإليه المرجع بعد الموت.
ويا قوم لا يجرمنكم شقاقي ، يقول: لا تحملنكم عداوتي أن يصيبكم من العذاب في الدنيا مثل ما أصاب قوم نوح من الغرق، أو قوم هود من الريح، أو قوم صالح من الصيحة، وما قوم لوط ، أي ما أصابهم من الخسف والحصب منكم ببعيد ، كان عذاب قوم لوط أقرب العذاب إلى قوم شعيب من غيرهم.
واستغفروا ربكم من الشرك، ثم توبوا إليه منها إن ربي رحيم لمن تاب وأطاعه، ودود ، يعني مجيب.