الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قالوا يا شعيب ما نفقه كثيرا مما تقول وإنا لنراك فينا ضعيفا ولولا رهطك لرجمناك وما أنت علينا بعزيز  قال يا قوم أرهطي أعز عليكم من الله واتخذتموه وراءكم ظهريا إن ربي بما تعملون محيط  ويا قوم اعملوا على مكانتكم إني عامل سوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ومن هو كاذب وارتقبوا إني معكم رقيب  ولما جاء أمرنا نجينا شعيبا والذين آمنوا معه برحمة منا وأخذت الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين  كأن لم يغنوا فيها ألا بعدا لمدين كما بعدت ثمود  ولقد أرسلنا موسى بآياتنا وسلطان مبين  إلى فرعون وملئه فاتبعوا أمر فرعون وما أمر فرعون برشيد  يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار وبئس الورد المورود  وأتبعوا في هذه لعنة ويوم القيامة بئس الرفد المرفود

[ ص: 130 ] قالوا يا شعيب ما نفقه ، يعني ما نعقل، كثيرا مما تقول لنا من التوحيد، ومن وفاء الكيل والميزان، وإنا لنراك فينا ضعيفا ، يعني ذليلا لا قوة لك ولا حيلة، ولولا رهطك لرجمناك ، يعني عشيرتك وأقرباءك لقتلناك، وما أنت علينا ، يعني عندنا بعزيز ، يعني بعظيم، مثل قول السحرة: بعزة فرعون ، يعنون بعظمة فرعون ، يقولون: أنت علينا هين.

قال يا قوم أرهطي أعز عليكم من الله ، يعني أعظم عندكم من الله عز وجل، واتخذتموه وراءكم ظهريا ، يقول: أطعتم قومكم ونبذتم الله وراء ظهوركم، فلم تعظموه، فمن لم يوحده لم يعظمه، إن ربي بما تعملون محيط ، يعني من نقصان الكيل والميزان، يعني أحاط علمه بأعمالكم.

ويا قوم اعملوا على مكانتكم هذا وعيد، يعني على جديلتكم التي أنتم عليها، إني عامل سوف تعلمون ، هذا وعيد، من يأتيه عذاب يخزيه ، يعني يذله، ومن هو كاذب بنزول العذاب بكم أنا أو أنتم، لقولهم: ليس بنازل بنا، وارتقبوا إني معكم رقيب ، يعني انتظروا العذاب، فإني منتظر بكم العذاب في الدنيا.

ولما جاء أمرنا ، يعني قولنا في العذاب، نجينا شعيبا والذين آمنوا معه برحمة منا ، يعني بنعمة منا عليهم، وأخذت الذين ظلموا الصيحة ، يعني صيحة جبريل، عليه السلام، فأصبحوا في ديارهم جاثمين ، يعني في منازلهم موتى.

كأن لم يغنوا فيها ، يعني كأن لم يكونوا في الدنيا قط، ألا بعدا لمدين في الهلاك، كما بعدت ثمود ، يعني كما هلكت ثمود، لأن كل واحدة [ ص: 131 ] منهما هلكت بالصيحة، فمن ثم اختص ذكر ثمود من بين الأمم.

ولقد أرسلنا موسى بآياتنا ، يعني اليد والعصى، وسلطان مبين . إلى فرعون وملئه ، يعني أشراف قومه، فاتبعوا أمر فرعون في المؤمن حين قال: ما أريكم إلا ما أرى ، فأطاعوا فرعون في قوله، يقول الله عز وجل: وما أمر فرعون برشيد لهم، يعني بهدى.

يقدم قومه القبط يوم القيامة ، يعني فرعون قائدهم إلى النار، ويتبعونه كما يتبعونه في الدنيا، فأوردهم النار فأدخلهم، وبئس الورد المورود المدخل المدخول.

وأتبعوا في هذه لعنة ، يعني العذاب، وهو الغرق، ويوم القيامة لعنة أخرى في النار، بئس الرفد المرفود ، فكأن اللعنتين أردفت إحداهما الأخرى.

التالي السابق


الخدمات العلمية