الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قال إنه يقول إنها بقرة لا ذلول تثير الأرض ولا تسقي الحرث مسلمة لا شية فيها قالوا الآن جئت بالحق فذبحوها وما كادوا يفعلون  وإذ قتلتم نفسا فادارأتم فيها والله مخرج ما كنتم تكتمون  فقلنا اضربوه ببعضها كذلك يحي الله الموتى ويريكم آياته لعلكم تعقلون  

                                                                                                                                                                                                                                      قال يحيى : وقوله : لا ذلول تثير الأرض ولا تسقي الحرث تفسير ابن عباس : لا يحرث عليها ولا يسقى [عليها] .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 150 ] وقوله : مسلمة يعني : من العيوب ؛ في تفسير قتادة . وقوله عز وجل : لا شية فيها يعني : لا سواد فيها ، ولا بياض ؛ في تفسير مجاهد .

                                                                                                                                                                                                                                      قال محمد : القراءة لا شية بالنصب على النفي والوشي في اللغة : خلط لون بلون ؛ تقول : وشيت الثوب أشيه شية ووشيا ؛ فكأن المعنى : لا لون فيها يخالف معظم لونها ؛ وهو الذي أراد مجاهد .

                                                                                                                                                                                                                                      والذلول من الدواب : الخاضعة ، وهي بينة الذل . والذل ضد الصعوبة ؛ يقال : هذا جمل ذلول بين الذل ، بكسر الذال .

                                                                                                                                                                                                                                      قال يحيى : وقوله عز وجل قالوا الآن جئت بالحق أي : بينت ، وقد حدثني سعيد ، عن قتادة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إنما أمر القوم بأدنى بقرة ؛ ولكنهم لما شددوا على أنفسهم ، شدد عليهم ، والذي نفسي بيده ؛ لو لم يستثنوا ، ما بينت لهم) .  

                                                                                                                                                                                                                                      يحيى : وحدثني المعلى ، عن الأعمش ، عن المنهال بن عمرو ، عن سعيد [ ص: 151 ] بن جبير ، عن ابن عباس قال : (قتل رجل عمه ، فألقاه بين قريتين ، فأعطوه ديتين فأبى أن يأخذ ؛ فأتوا موسى فأوحى الله إليه أن يذبحوا بقرة فيضربوه ببعضها ، فشددوا فشدد الله عليهم ؛ ولو كانوا اعترضوا البقر أول ما أمروا ، لأجزأهم ذلك) .

                                                                                                                                                                                                                                      قال محمد : ومعنى (اعترضوا) أخذوا منها بغير تخيير .

                                                                                                                                                                                                                                      فادارأتم فيها يعني : ألقى قتله بعضهم على بعض .

                                                                                                                                                                                                                                      قال محمد : ادارأتم أصله : [تدارأتم] ؛ فأدغمت التاء في الدال ؛ ومعناه : تدافعتم ؛ يقال : درأ الكوكب بضوئه ؛ أي دفع .

                                                                                                                                                                                                                                      فقلنا اضربوه قال يحيى : سمعت بعضهم يقول : رمي قبره ببعضها - قال قتادة : يعني : بفخذها - ففعلوا ، فقام فأخبر بقاتله ، ثم مات .

                                                                                                                                                                                                                                      قال ابن عباس : طلبوها ، فوجدوها عند رجل بر بوالديه ، فبلغ ثمنها ملء مسكها دنانير .

                                                                                                                                                                                                                                      قال يحيى : وذكر لنا أن وليه الذي كان يطلب دمه هو [الذي] قتله ؛ فلم يورث بعده قاتل . [آية] [ ص: 152 ]

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية