[ ص: 184 ] قوله تعالى : وكذلك جعلناكم أمة وسطا أي : عدلا ؛ يعني : أمة محمد لتكونوا شهداء على الناس يوم القيامة بأن الرسل قد بلغت قومها عن ربها ويكون الرسول عليكم شهيدا أنه قد بلغ رسالة ربه إلى أمته ؛ وهذا تفسير قتادة .
قال وأنشد بعضهم : محمد :
(هم وسط يرضى الأنام بحكمهم إذا نزلت إحدى الليالي بمعظم)
يعني : بوسط : عدلا خيارا .قوله تعالى : وما جعلنا القبلة التي كنت عليها يعني : بيت المقدس إلا لنعلم يعني : علم الفعال من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله يعني : صرف القبلة ، قال قتادة : صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مدة إقامته (كانت القبلة فيها بلاء وتمحيص ، بمكة إلى بيت المقدس ، وصلت الأنصار نحو بيت المقدس حولين قبل قدوم النبي عليه السلام إلى المدينة ، وصلى النبي صلى الله عليه وسلم بعد قدومه المدينة نحو بيت المقدس ستة عشر شهرا ، ثم وجهه الله - عز وجل - بعد ذلك إلى الكعبة ؛ فقال قائلون : ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها لقد اشتاق الرجل إلى مولده) .
قوله تعالى : وما كان الله ليضيع إيمانكم يعني : صلاتكم إلى بيت المقدس ، قال لما صرفت القبلة قال قوم : كيف بأعمالنا التي كنا [ ص: 185 ] نعمل ؟ فأنزل الله : قتادة : وما كان الله ليضيع إيمانكم وقد يبتلي الله - تعالى - العباد بما شاء من أمره ، الأمر بعد الأمر ؛ ليعلم من يطيعه ممن يعصيه ؛ وكل ذلك مقبول ؛ إذا كان في إيمان بالله ، وإخلاص له ، وتسليم لقضائه .