الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                              صفحة جزء
                              باب: طغا .

                              حدثنا عبيد الله، حدثنا يزيد بن هارون، وحدثنا أبو بكر، حدثنا عبد الأعلى، عن هشام، عن الحسن، عن عبد الرحمن بن سمرة، قال رسول الله صلى الله عليه: "لا تحلفوا بآبائكم ولا بالطواغي"   .

                              حدثنا محمد بن سهم، حدثنا ابن مبارك، أخبرنا معمر، عن سعيد، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال رسول الله صلى الله عليه: "ما تنتظرون إلا غنى مطغيا، أو فقرا منسيا"   .

                              حدثنا أحمد بن محمد، حدثنا إبراهيم بن خالد، عن رباح، عن عبد الملك بن خسك: سمعت وهبا، يقول [ ص: 643 ] : "إن للعلم طغيانا كطغيان المال" قوله: "ولا تحلفوا بالطواغي"،  كذا قال هشام، وأسند الحديث وأرسله أصحاب الحسن ابن عون، وحميد، وأشعث، ويونس، وأبو الأشهب، ومبارك، وعوف، وعمرو بن عبيد، وقالوا: ولا بالطواغيت، وهو جمع طاغوت، وهو في كتاب الله الشيطان، وفي موضع: كعب بن الأشرف، وفي موضع: الأصنام وأما قوله: يؤمنون بالجبت والطاغوت  ، فاختلف فيه المفسرون .

                              حدثنا أبو بكر، عن وكيع، عن زكريا، عن الشعبي: " (الطاغوت) : الشيطان " .

                              حدثنا أبو بكر، حدثنا غندر، عن شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد: " (الطاغوت) : الكاهن " .

                              حدثنا أبو بكر، حدثنا عبد الأعلى، عن داود، عن أبي العالية: (الطاغوت) : "الشاعر" [ ص: 644 ] وأما قوله: يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت ، فلم نسمع فيه إلا ما .

                              حدثني أبو بكر، عن شبابة، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قال: "هو كعب بن الأشرف" وقوله: والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها ، فهي الأصنام، وهذا كله له وجه في النهي عن الحلف بالطواغيت  لأن، واحدها طاغوت، وهو الشيطان، لأن الشيطان في قول أبي عبيدة: كل فائق في الشر متمرد فيه من إنسان أو دابة، فكأنه نهاهم أن يحلفوا بعظمائهم، ومن جاز القدر في الشر وتمرد، ككعب بن الأشرف وحيي بن أخطب وهو أيضا - لمن قال: هي الأوثان فنهى عن الحلف بها كاللات والعزى وإن كان ما روى هشام محفوظا في قوله "الطواغي" فإنه جمع طاغية، وليس من الطواغيت فيجوز أن يكون نهى أن يحلف بمن طغى من الطغيان، وجاز القدر في الكفر والشر كما قال: إنا لما طغى الماء .

                              حدثنا محمد بن علي، عن ابن مزاحم، عن أبي معاذ، عن عبيد، عن الضحاك [ ص: 645 ] : " قوله: لما طغى الماء : كثر وارتفع " ومثله فأما ثمود فأهلكوا بالطاغية " أخبرنا أبو عمر، عن الكسائي: طغت طغيا، وطغيانا وطغوا وطغيا وطغوانا طغوت وطغيت ومنه "غنى مطغيا" : يحمل صاحبه على أن يطغى، ويجوز إلى ما لا يحل له ومنه "إن لهذا العلم طغيانا" أي: يحمله أن يترخص بما اشتبه منه إلى ما لا يحل له ويترفع به على من هو دونه، فيكون ذلك طغيانا منه وتخطيا إلى ما لا يجوز له وقال أبو عمرو: ماهو إلا طغامة وهو الذي لا رأي له، ولا خير فيه .

                              [ ص: 646 ]

                              التالي السابق


                              الخدمات العلمية