أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلها واحدا ونحن له مسلمون تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون
وقوله: أم كنتم شهداء الآية، نزلت في اليهود حين قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: ألست تعلم أن يعقوب [ ص: 217 ] يوم مات أوصى بنيه باليهودية؟ فأنزل الله عز وجل قوله: أم كنتم شهداء الآية، ومعناه: بل أكنتم، كأنه ترك الكلام الأول واستفهم فقال: أكنتم شهداء؟ أي: حاضرين، أي: أحضرتم وصية يعقوب بنيه حين حضره الموت؟ إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قال وذلك أن ابن عباس: فلما خير الله تعالى لم يقبض نبيا حتى يخيره بين الموت والحياة، يعقوب، قال: أنظرني حتى أسأل ولدي وأوصيهم.
فجمع ولده، وهم اثنا عشر رجلا وهم الأسباط وجميع أولادهم، فقال لهم: قد حضرت وفاتي وأنا أريد أن أسألكم: ما تعبدون من بعدي؟ قالوا: نعبد إلهك الذي لا إله غيره، وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلها واحدا الآية، فطابت نفسه.
وقوله: وإسماعيل أدخله في جملة الآباء، وكان عم يعقوب ؛ لأن العرب تسمي العم أبا، وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للعباس: "هذا بقية آبائي".
وقوله: إلها واحدا ينتصب على وجهين: أحدهما: الحال، كأنهم قالوا: نعبد إلهك في حال وحدانيته.
والثاني: على البدل من قوله: إلهك.
قوله: تلك أمة يعني إبراهيم وبنيه ويعقوب وبنيه الذين قد تقدم ذكرهم، قد خلت مضت، ومنه قوله: في الأيام الخالية يعني: الماضية المتقدمة، لها ما كسبت من العمل، ولكم يا معشر اليهود، ما كسبتم أي: حسابهم عليهم، وإنما تسألون عن أعمالكم لا عن أعمالهم، وهو قوله: ولا تسألون عما كانوا يعملون .